مساجدها وجميع البلد، وعزم على الرحيل، فأخذه الله ﷾، فشق أصحابه بطنه وملؤوه ملحا وأخذوه إلى بلاده، وأما العساكر الإسلامية، فإنهم شنوا الغارات على بلاد العدو، وعادوا بعد أن خيموا على ظاهر عسقلان، وبلغ المنفق فى هذه النوبة وعلى ذهاب يغدونى وهلاكه مائة ألف دينار.
وفى شهر رجب سنة خمس وأربعين وخمسمائة، نزل الإفرنج على الفرماء فى جمع كبير، وأحرقوها ونهبوا أهلها، وآخر أمرها أن الأمير شاور خربها، لما خرج منها متوليها ملهم أخو الدرغام، فاستمرت خرابا لم تعمر بعد ذلك. انتهى ملخصا من المقريزى.
ونقل لينان بيك عن مؤرخى الإفرنج أن الفرماء كانت مدينة من مدن مصر بنيت فى زمن العرب، ولم تبق غير مدة يسيرة، وفى القرن الثالث عشر من الميلاد كانت قد آل أمرها إلى الخراب، وذكر أبو الفداء فى تخطيط مصر، نقلا عن ابن حوقل، أنه رأى فى مدينة الفرماء قبر غليان الطبيب، ورده العالم سوارى بأن غليان دفن فى مدينة بيرجرام، التى هى وطنه، وغاليان المذكور كان قد تلقى الطب فى مدرسة الإسكندرية، وسافر إلى مدينة رومة وعمره أربع وثلاثون سنة، وكان واسع العلم والمعرفة ذا شهرة عظيمة، واختاره القيصر مر قوريل حكيمه، ومن بعده كان حكيما لاثنين من القياصرة، ثم فى آخر عمره فارق رومة، وذهب إلى مدينة بيرجرام، فأقام بها إلى أن مات وعمره ثلاث وستون سنة، ولعل القبر الذى رآه ابن حوقل بمدينة الفرماء هو قبر الأمير بومبيوس، وكان قريبا من جبل كامسيوس كما قال بلين.
وذكر أبو الفداء بناء على قول ابن سعيد أن برزخ السويس عرضه فى هذا الموضع ثلاثة وعشرون فرسخا، وأن عمرو بن العاص أراد حفر ترعة فيه ليصل بين البحرين فمنعه عمر بن الخطاب ﵁.