ومر بجدة يريد ينبع، وكان بمكة الأمير قرقماس، فما زال يتلطف بإبراهيم حتى أرسى على جدة بمركبين، فجامله أحسن مجاملة، حتى قويت رغبته، ومضى شاكرا مثنيا.
وعاد فى سنة ثمان وعشرين ومعه أربع عشرة مركبا موسوقة بضائع، وقد بلغ السلطان خبره، فأحب أخذ مكوسها لنفسه، وبعث ابن المره لذلك، فصارت جدة من حينئذ بندرا عظيما إلى الغاية، وبطل بندر عدن إلا قليلا، ولم تكن جدة مرسى إلا من سنة خمس وعشرين من الهجرة، فإن عثمان بن عفان ﵁ اعتمر منها، فكلمه مواليه أن يحول الساحل إلى جدة، وكان فى الشعيبية زمن الجاهلية، فحوله إلى جدة، ومن كان من وراء قديد يحملون من الجار والأبواء، وكان ما يحمل إلى هذه المواضع قوت أهل الحرمين وعيشهم. انتهى.
ولنرجع إلى ما يتعلق بالجنويين وصلحهم مع السلطان، فنقول:
قد مر أنه أخذ عليهم شروطا وحلفهم عليها، وعاهدوه على التزامها وذلك بحضور الأساقفة والرهبان، وهذه صورة هدنتهم وأيمانهم أمام مولانا السلطان، كما وجدته فى رسالة فيها بعض مصالحات: أقول وأنا البرت أسبينولا رسول البوزسطا ودكركان والقباطين أوبرت أسبينولا وكرات دوريا والمشايخ وأصحاب الرأى والمشورة كمون الجنوية: أحلف بالله والله والله العظيم، وحق المسيح وحق الصليب المقدس، وحق الإنجيل المقدس، إله واحد، وحق الست مريم، وحق الأربعة أناجيل: لوقا ومتى ومرقس ويوحنا، وصلواتهم وتقديساتهم، وحق الصوت الذى نزل من السماء على نهر الأردن فزجرهم، وحق الآباء والمعمودية، وحق الإنجيل المقدس، وحق دينى ومعبودى أننى ألتزم لمولانا السلطان الملك المنصور السيد الأجل العالم العادل سيف الدنيا والدين، سلطان مصر والشام وحلب، وسلطان اليمن