ولولا خوف الإطالة ما ذكرنا بعض ما يتعلق بأصناف بضائع الفرنج الواردة إلى مصر والشام، وإنما نذكر هنا حادثة غريبة هى أنه فى شهر ربيع الثانى سنة سبع وعشرين وثمانمائة - على ما نقله دساسى عن المقريزى - ظهر بالقاهرة عند بعض الناس كثير من عظام الآدميين، فأحضروا أمام صاحب الشرطة، وسئلوا عن هذه العظام، فأجابوا بعد تعذيبهم أنها عظام موتى الآدميين، وأنهم يخرجون الرمم من القبور، ويطبخونها فى الماء، فيخرج منها دهن يعلو سطح الماء، فيأخذونه ويبيعونه للنصارى، القنطار بخمسة وعشرين دينارا، فأطيل سجنهم، ثم خلى سبيلهم، وترك ذلك وتنوسى.
وذكر المقريزى أيضا/فى خصوص تجارة جدة حادثة لا بأس بذكرها، وهى أنه فى سابع ربيع الأول من سنة ثمان وعشرين وسبعمائة سير الأمير أرمبغا أحد أمراء العشرات تجريدة إلى مكة وفيها مائة مملوك، وتوجه سعد الدين إبراهيم بن المره أحد الكتاب لأخذ المكوس على المراكب الواصلة من الهند إلى جدة، وكانت العادة قديما أن مراكب تجار الهند ترد إلى عدن، ولم يعرف قط أنها تعدت بندر عدن.
فلما كان سنة خمس وعشرين خرج من مدينة كاليكوت ناخداه اسمه إبراهيم، فلما مر على باب المندب جوّز إلى جدة بفراره حنقا من صاحب اليمن، لسوء معاملته للتجار، فاستولى الشريف حسن بن عجلان على ما معه من البضائع، وطرحها على التجار بمكة، فقدم إبراهيم المذكور، فى سنة ست وعشرين على المندب، ولم يعبر عدن، وتعدّى جدة، وأرسى بمدينة سواكن، ثم بجزيرة دهلك، فعامله صاحبها أسوأ معاملة، فعاد فى سنة سبع وعشرين وجوّز عن عدن،