وبالجملة فأكثر الكتب المتعلقة بمصر بل جميعها تصف الفيوم بكثرة المشتملات، ومن ذلك السمك الكثير، فقد ذكر مؤرخ بطارقة الإسكندرية فى:(تاريخ الشهداء) أنه انكشف فى الفيوم بركة متسعة بها كثير من البلطى فيصطادونه، ويتوسعون فيه بالبيع وغيره، وفى كل يوم ينقل منه إلى الفسطاط مقدار عظيم، وإن بعض أصحابه نقل له أنه بمروره من القاهرة إلى الفسطاط قابل فى طريقه عشرين جملا من البلطى، خلاف ما كان يمر بغير هذه الطريق، وبخلاف الباقى ببلاد الجزيرة وغيرها، وكانت عادتهم نقله من الفيوم إلى الجيزة على الجمال، ويباع فى سوقها، وينقل إلى جهات مصر، وكانت تعطى لمن يلتزمها فى السنة بستين دينارا.
وكان البلطى نوعين: كبيرا وصغيرا، فالذى وزن الواحدة منه أربعة أرطال تباع العشرة منه بتسعة دراهم، وما فوقها تباع العشرة منه بعشرة دراهم، والكبير تباع العشرة منه بخمسة عشر درهما، وكانت الواحدة منه ربما تزن خمسة عشر رطلا أو أكثر، وأنه/بلغه من دلال سوق السمك بالجيزة أن ما يرد إليها كل يوم مائة وثلاثون حملا، كل حمل مائتان، فتكون عدة السمك ستة وعشرين ألفا، فانتفعت به أهل مصر لغلاء اللحم حينئذ، فإن رطله كان يباع بدرهمين أو أكثر، والسمك كان يوجد طول السنة، ويباع فى جميع الأسواق.
وقد تكلم هيرودوط على سمك الفيوم وغيره، فقال إن السمك من قديم إلى الآن قد يملح ويبقى فى جميع السنة، والمستهلك بين الأهالى كثير، فضلا عما يطعم للحيوانات المقدسة، ويألف أكله كثير من الناس، والقيسون لا يأكلونه، ولما زاد اختلاط الأغراب بالمصريين كثر صيده، وصار فرعا من فروع الإيراد، فكان إيراد بحيرة الفيوم فى اليوم طالان واحد، وهو عبارة عن خمسة آلاف وأربعمائة فرنك تقريبا،