وفى جميعها نخيل وأشجار، وفى الشرقيتين أبنية متينة ومساجد بخلاف الغربية، فلانتقالها بسبب جور النيل عليها، تجد أبنيتها خفيفة أكثرها من الطين غير المضروب.
ويتبع تلك القرى عدة نجوع صغيرة فى شرقى النيل وفى غربيه، وكانوا أهل يسار لخصوبة أرضهم وجودة محصولها، حتى أن قيمة قمحها أكثر من قيمة غيره، وكذا دخانها وسلجمها وخشخاشها، وكنت تجد فيها جياد الخيل، والطقومة المحلاة، والفرش النفيسة، وأنواع النحاس والملابس الفاخرة، إلى أن كانت سنة ٨٠ ثمانين أو إحدى وثمانين، فأتاهم من كان سببا فى إزالة تلك النعم عنهم، وإبادة كثير من أنفسهم وأموالهم، وتخريب بيوتهم، وهو رجل من الصعيد الأعلى، كانوا يسمونه الشيخ أحمد الطيب، يزعم أنه شريف جعفري، ويدعى العلم والولاية والمكاشفات، فلغفلتهم احتفلوا به ودخلوا فى طاعته، وأعطوه العهود على أنفسهم بالطاعة لله ولرسوله، فجرهم إلى معاصى الله تعالى، حتى جعلهم من البغاة الخارجين عن طاعة الإمام، فآل أمرهم إلى أن سلط عليهم الخديوى إسماعيل باشا شرذمة من العساكر مع بعض الأمراء فقتلوا كثيرا منهم، وخربوا بيوتهم، وسلبوا أموالهم، وأمر بكثير منهم فنفوا إلى البحر الأبيض مدة حياتهم، ثم عفا عن باقيهم، لكن ذهبت بهجتهم وقلت أموالهم، وظهرت عليهم الكآبة والفاقة من يومئذ، وقد بسطنا الكلام فى تلك الواقعة عند الكلام على العقال فانظره.