وفى كتب الفرنساوية أنها مدينة قديمة بالصعيد الأعلى، سماها قدماء اليونان قبطوس، وتعرف فى مؤلفات كل من الإدريسى وأبى الفداء والبغوى باسم: قفط، وذكرها القزوينى بهذا الاسم فى جغرافيته المسماة: ب (عجائب البلدان) وهى فى قسم واد، قال بعض الإفرنج:
إنه ربما كان هو الوادى الذى كان به الخليج، الذى فتحه بطليموس بين النيل والبحر الأحمر، وطريق القصير وبيرنيس فى واد قريب منه،
واسم الأقباط ربما كان مأخوذا من اسمها، لأن مذهب أتوشيت أول ظهوره كان بها وبما جاورها من القرى، وقبل ظهور الديانة المسيحية بأرض مصر كان أهلها يقدسون المقدسة إزيس، وينسبون إليها زيادة النيل، فيجعلون فيضانه من دموعها، وقال المقريزى: إنها كانت فى الدهر الأول مدينة الإقليم، وإنما بدا خرابها بعد الأربعمائة من تاريخ الهجرة النبوية، وآخر ما كان فيها بعد الستمائة من سنى الهجرة أربعون مسبكا للسكر وست معاصر للقصب، ويقال: كان فيها قباب بأعالى دورها، وكانت إشارة من يملك من أهلها عشرة آلاف دينار أن يجعل فى داره قبة، وبالقرب منها معدن الزمرد.
ولمدينتى (قفط) و (قوص) أخبار عجيبة فى بدء عمارتهما، وما كان فى أيام القبط من أخبارهما، إلا أن مدينة قفط فى هذا الوقت متداعية للخراب، وقوص أعمر، والناس فيها أكثر، وكان بقفط بربا، ثم قال: وفى سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة كانت فتنة كبيرة بمدينة قفط، سببها أن دعيا من بنى عبد القوى ادعى أنه داود بن العاضد، فاجتمع الناس عليه، فبعث السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب أخاه الملك العادل أبا بكر بن أيوب على جيش فقتل من أهل قفط نحو ثلاثة آلاف، وصلبهم على شجر ظاهر قفط، بعمائمهم وطيالستهم، وذكر أبو صلاح أنه كان بداخلها وفى جوارها كثير من الديورة والكنائس،