ويقال لها: قليزمة - بالتصغير - وفى كتب الفرنج أنه ليس فى الدنيا بلد تسمى بالقلزم إلا تلك المدينة التى أخنى عليها الزمان، قال كترمير: ولا يقرب من محلها الآن إلا مدينة السويس، وهى الميناء الكبرى بين مصر وبلاد آسيا. وقال أيضا: قد قرأت فى ترجمة جان القصير، أنه اضطر إلى مفارقة صحراء سيتا تخلصا من أذى المتوحشين، وقصد قرية قليزمة لوجود كثير من الوثنيين بها، واختار لإقامته جبل أنطوان على بعد يوم من قليزمة، واتخذ لسكنه صخرة فوق نهير جعل فيها حفرة كالمغارة، بناها من الحجر، شبه مسكنه الذى كان له فى صحراء سيتا، وفى بعض الأحيان كان يتوجه إلى القرية لينصر أهلها، ولما مات دفن بقرية قليزمة بقرب مقابر الثلاثة الشهداء المحترمين فى الكنيسة، وهم: عيطاناس وبجيمى وجزوه أو سزوه، الذى أقام كذلك بجبل أنطوان سبعين سنة. انتهى.
ثم قال: ولا يلزم مما تقدم أن قرية قليزمة كانت قريبة/من جبل أنطوان، فإن الصخرة التى سكنها الراهب ليست هى الجبل، وإنما هى قطعة منعزلة، ويؤكد ذلك ما ذكره القديس جيروم من أن مسكن (جان القصير) على صخرة مرتفعة تمتد نحو ألف خطوة، وفى أسفلها منابع ماء بكثرة، بعضها يضيع فى الرمل، والبقية تجتمع وتكون قناة ماء ينبت على شطوطها كثير من النخل، يكسو هذا المحل رونقا وبهجة، وكان مسكن الراهب مربعا طوله وعرضه سواء بقدر ما يكفى النائم.
وفى قمة الجبل مغارتان بهذا القدر، كان يأوى إليهما القديس أنطوان إذا أراد التخلى عن تلاميذته أو غيرهم من الناس، وكان يصعد إلى الجبل بواسطة نقور شبيهة بسلم حلزونى، وهذا الوصف يوافق