ما ذكره أبو صلاح والمقريزى، ونص المقريزى: هذا الدير يسار إليه فى الجبل الشرقى ثلاثة أيام بسير الإبل، وبينه وبين بحر القلزم مسافة يوم كامل، وفيه غالب الفواكة مزروعة، وبه ثلاثة أعين تجرى، والذى بناه أنطونيوس، ورهبان هذا الدير لا يزالون دهرهم صائمين، لكن صومهم إلى العصر فقط ثم يفطرون، ما خلا الصوم الكبير، والبرمولات فإلى طلوع النجم، والبرمولات هى الصوم كذلك بلغتهم.
وأنطونيوس يقال له أنطونه كان من أهل قمن. فلما انقضت أيام الملك دقلطيانوس، وفاتته الشهادة أحب أن يعوض عنها عبادة توصل إلى ثوابها أو قريبا من ذلك فترهب، فكان أول من أحدث الرهبانية للنصارى، عوضا عن الشهادة، وواصل أربعين يوما ليلا ونهارا طاويا لا يتناول طعاما ولا شرابا، مع قيام الليل، وكان هكذا يفعل فى الصيام الكبير كل سنة، ونقل كترمير عن المقريزى وأبى صلاح أن جثة هذا الراهب فى مغارة كان يأوى إليها فى عباداته، والدير والكنيسة التى هى باسمه فى قمة الجبل، يحيط بهما سور مستدير، وفيه بستان متسع نحو فدان وثلث، يوجد به النخل والتفاح والكهرباى وغير ذلك، وأنواع مختلفة من الخضروات، ويقال إن عدد نخيله ألف نخلة، وبالدير قصر جيد البناء، شاهق الارتفاع، معدّ للمدافعة عن الدير، وخلاوى الرهبان محيطة بالبستان، ونصارى هذا الدير من الطائفة اليعقوبية، كان له أوقاف كثيرة فى القاهرة وغيرها.
وفى (خطط أنطونان) فى قياس الطريق من بابليون إلى أرض العرب، قال: إن من هيروبوليس إلى سيرابيو ثمانية عشر ألف خطوة، ومن سيرابيو إلى قليزمة خمسون ألف خطوة، وهذه الأبعاد صادقة باعتبار أنها جارية فى طول الخليج القديم، الذى كان متصلا بالنيل والبحر الأحمر، وباعتبار أن مدينة هيروبوليس كانت فى المحل