وصغارا، ومنهم المتزوج والمنفرد، وغالبهم على قراءة القرآن وتلاوته يجتمع ويعتمد، ولهم من الراتب والكسوة ما هو جار عليهم من ريع الوقف، ومن بعض الأكابر والمعتقدين، أعاد الله علينا وعليهم من بركات أوليائه ونفحاتهم آمين.
ولم يزل الشيخ مكبا على العبادات والأذكار، والاشتغال بتصنيف الكتب، وإلقاء الدروس فى مدرسته آناء الليل وأطراف النهار، وجميع أهل مصر قاطبة يلهجون بذكره، ويقصدون التبرك فى مآربهم بنهيه وأمره، وكثرت منه المكاشفات والإشارات، وتردد إلى أعتابه أمراء الألوية فمن دونهم، وخضع لأوامره الأمراء والباشوات، إلى أن تشوق إلى ما عند الله. وحان قدومه على الله، فأبدى ذات يوم قلقا واضطرابا سببه تغير أحوال الدين بإقليم مصر، وتواتر نموّ الفواحش والمنكرات والإسفار عنها نقابا، فقال فى وقت من الأوقات ما معناه: لقد طاب الموت، لما رأى من الفساد وسوء الحالات، فلم يمض غير لمحة الطرف حتى ورد عليه وارد المنية، وبدا به حال عظيم اعتقل به لسانه وبطلت حركته بالكلية، فاستمر طريحا داخل داره، والأكابر والأصاغر واردون إلى زاويته، مستفهمون عن أخباره، إلى أن توفى عصر يوم الاثنين الثانى من شهر جمادى الأولى عام ثلاث وسبعين وتسعمائة، ومدة تمرضه أحد وعشرون يوما، فاجتمع لوفاته الخلائق من كل أوب، وخرج نعشه من زاويته يوم الثلاثاء إلى مصلى جامع الأزهر فى مشهد حافل جدّا، بحيث إن الخلائق متواصلة من زاويته إلى الجامع.
وممن صلى عليه على باشا بمصر ومن دونه من أمراء الألوية ومشايخ العرب والأعيان، وقاضى العسكر ومن يليه من القضاة ومشايخ العلم والفقهاء والتجار، وفقراء الزوايا، ولم يستطع أحد أن يدنو من نعشه لشدة الازدحام عليه، وتجاه نعشه فقراء الذكر بأعلامهم وهم أعداد متوافرة يذكرون نوبة، بحيث صارت رؤية