وفى الميعاد أرسل الباشا رقعة الجواب إلى القاضى، يظهر فيها الامتثال، ويطلب حضوره فى الغد مع العلماء، ليعمل معهم مشورة.
فأخذها وحضر بها إلى السيد عمر أفندى، ومنها علموا أنها خديعة.
ففى صبح يوم الاثنين اجتمعوا ببيت القاضى، وقفلوا الأبواب لمنع العامة، وحضر إليهم سعيد أغا والجماعة، ولما تكاملوا ركبوا إلى محمد على، وقالوا له: إنا لا نريد هذا الباشا حاكما علينا، ولا بد من عزله من الولاية. فقال: ومن تريدونه، قالوا: لا نرضى إلا بك، وتكون واليا علينا بشروطنا، فامتنع أولا، وأحضروا له كركا وعليه قفطان، وقام السيد عمر والشيخ الشرقاوى، فألبسوه إياه وذلك وقت العصر، ونادوا بذلك، وأرسلوا إلى أحمد باشا بالخبر، فقال: لا أنا مولى من طرف السلطان، وجمع بالقلعة ذخيرة كثيرة وكرنك بها، وصار يضرب بالمدافع، وحاصره محمد على بالعساكر والمشايخ والأكابر والأهالى.
ولم يزل الأمر على ذلك مدة، ثم حضر فرمان قرئ ببيت محمد على بالأزبكية، مضمونه أن محمد على باشا والى جدة سابقا، هو والى مصر حالا، من ابتداء عشرين ربيع الأول سنة ألف ومائتين وعشرين، حيث رضى بذلك العلماء والرعية، وأن أحمد باشا معزول عن مصر، وأنه يتوجه إلى الإسكندرية بالإعزاز والإكرام، حتى يأتيه الأمر بالتوجه إلى بعض الولايات، وجرت أمور ليس هذا محل شرحها، وانظر الجبرتى.