من أهلها النفقات والكلف، وعملوا على الدور دراهم يطلبونها منهم كل يوم، وقرروا على دار شيخ البلد الشواربى/كل يوم مائة غرش، وحبسوا حريمهم عن الخروج، وكان الشواربى قد عصى فوصل إليه الخبر بذلك، واستمرت العسكر على ذلك، حتى أخذوا النساء والبنات، وصاروا يبيعونهن فيما بينهم.
وبعد أيام أرسل إليهم محمد على باشا، وقرر لهم كلفا على البلاد، فصاروا يقبضونها، ومن عصى عليهم ضربوه ونهبوه، وأرسلوا إلى أبى الغيط فامتنعت عليهم، وخرج أهلها ودفنوا متاعهم بالجيزة، فركبوا إليهم وقاتلوهم، وقتل من الفلاحين زيادة عن مائة شخص، ودلهم بعض الفلاحين على خباياهم بالجيزة، فذهبوا إليها واستخرجوها، وكانت أشياء كثيرة.
وفى ذلك الحين كان المشايخ قد تركوا الأزهر، وأغلق غالب الأسواق والدكاكين، وبطل طلوع المشايخ والوجاقلية ومبيتهم بالقلعة، وحضر الأغا إلى نواحى الأزهر، ونادى بالأمان وفتح الدكاكين وكان ذلك وقت العصر، فعند ذلك تحركت حميتهم، وركبوا فى ثانى يوم إلى بيت القاضى، واجتمع به الكثير من المشايخ والمتعممين والعامة، وصرخوا شرع نبينا بيننا وبين هذا الباشا الظالم، والأولاد تقول: يا متجلى اهلك العثملى، وطلبوا أن يأتى المتكلمون فى الدولة إلى مجلس الشرع للمحاكمة، فحضر سعيد أغا الوكيل وبشير أغا وعثمان أغا قبى كتخدا والدفتدار والشمعدنجى، واتفقوا على كتب عرضحالات بالمطلوبات ففعلوا ذلك، وذكروا فيه طوائف العسكر وتعديهم، وأذى الناس وإخراجهم من مساكنهم، والمظالم والفرض ومال الميرى المعجل، وحق الطريق للمباشرين وغير ذلك، فأخذوا منهم العرض، ووعدوهم برد الجواب يوم الاثنين.