أربع وثلاثين وثمانمائة، قال وسألت الحكيم الفاضل السديد الدمياطى عن ماء قوص، كم بينه وبين ماء مصر فى التفاوت، فقال:(انتهيت فى السفر إلى الوجه القبلى إلى هوّ وبين مائها وماء مصر كماء سكر وماء صرف، فإذا تأملت ماء أسوان كان بينه وبين ماء هوّ فرق ظاهر، وفيه من الحسن شدة برودة فى الصيف بحيث يصير كأن فيه ثلجا.
وذكر الإمام العلامة كمال الدين جعفر الأدفوى فى كتابه: (الطالع السعيد) أن مسافة إقليم الصعيد فى الطول اثنا عشر يوما بسير الجمال، وعرضه ثلاث ساعات وأكثر وأقل بحسب الأماكن، يعنى العامرة منه، وهو كورتان شرقية وغربية، والنيل فاصل بينهما، ويتصل عرضه فى الكورة الشرقية إلى البحر المالح وبأراضى البجاة، وفى الغربية بألواح. قال: وحكى لى الشيخ العالم فتح الدين محمد بن سيد الناس قال: قال لى الشيخ تقى الدين القشيرى: «تروح إلى قوص تدرس بدار الحديث» فذكرت له بعدها وحرارتها، فقال أين أنت من طيب فاكهتها وعطرة رياحينها، ورطبها من أحسن الرطب، صادق الحلاوة كثير القرّ، وفيه شئ تسيل النواة منه، وهو على عرجونه قبل أن يقطف، وفيه رطب لا يمكن تأخيره بعد أن يجنى غير لحظة لنعومته وكثرة سقره، وقد قال ﷺ:«رطب طيب وماء بارد إن هذا من النعيم». انتهى.
وقال خليل الظاهرى: إن مديرية قوص قبلى مديرية أسيوط وإن كرسيها مدينة قوص، وهى أكبر مدن الصعيد، وأشهرها وأعظمها، وبها ينزل جميع تجار الجهات القبلية، ويتوجهون إلى القصير فى مقابلة جدة، وجعلها أيضا عبد اللطيف البغدادى من أعظم مدن مصر، وقال لطرون الفرنساوى: إن معبدها يعزى إلى الملكة كليوباترة زوجة بطليموس أوبزجيت الثانى، وأنها هى التى بنته مع ولدها بطليموس