وكان له وقت يجلس فيه على دكة مرتفعة، ويدخل المستخدمون والحواة فيخرجون ما فى السلل، ويطرحونه على ذلك الرخام، ويحرشون بين الهوام، وهو يتعجب من ذلك ويستحسنه، فلما كان ذات يوم أنفذ رقعة إلى الشيخ الجليل ابن المدبر الكاتب، وكان من أعيان كتاب أيامه وديوانه، وكان عزيزا عنده. وكان يسكن إلى جوار دار ابن الفرات، يقول له فيها: نشعر الشيخ الجليل - أدام الله سلامته - أنه لما كان البارحة عرض علينا الحواة الحشرات الجارى بها العادات، انساب إلى داره منها الحية البتراء وذات القرنين، والعقربان الكبير وأبو صوفة، وما حصلوا لنا إلا بعد عناء ومشقة، وبجملة بذلناها للحواه، ونحن نأمر الشيخ - وفقه الله - بالتقدم إلى حاشيته وصبيته بصون ما وجد منها، إلى أن تنفذ الحواة لأخذها وردها إلى سللها، فلما وقف ابن المدبر على الرقعة قلبها، وكتب فى ذيلها: أتانى أمر سيدنا الوزير - خلد الله نعمته وحرس مدته - بما أشار إليه فى أمر الحشرات، والذى يعتمد عليه فى ذلك أن الطلاق يلزمه ثلاثا إن بات هو وأحد من أهله فى الدار والسلام. انتهى.
وفى بعض الجرنالات المصرية الفرنساوية المسماة مونيطور، المؤرخة باليوم الأول من شهر سبتمبر سنة ١٨٧٥ ميلادية نقلا عن بعض من ساح حول الدنيا ما ترجمته أن حواة الهند لا يعلو عليهم أحد فى المهارة فى هذا الفن وخفة اليد والحركة، وعادة يكون معهم قرد يطوفون به فى الأسواق والبلاد، وذلك القرد يحمل فوق رأسه سلة فيها ثعابين، فيلقيها على الأرض على حين غفلة، فتخرج منها الثعابين وتسبح فى الأرض، والناس يتعجبون من ذلك، ثم يتعرض الحاوى لثعبان فيقرصه، والناس تنظر إلى ذلك، ويوهم الحاضرين أن عنده أحجارا فيها خاصية مص السم، فترغب الناس فى شرائها