قبضة يده، ورأينا محل القرصة جرحا يشبه قطع السكين والدم يسيل منه، والحية لم تهجع بل كانت تعنفه بقوة وشدة، وتحاول قرصه مرة أخرى، فرمى بها إلى الأرض، فرفعت رأسها وهجمت عليه، فمسكها من رأسها، وثبتها فى الأرض بعصى معه، وفتح فاها بخشبة، وأرانا أسنانها، ثم قلعها ورماها فصارت بلا أسنان، ثم أخذ يزمر وأخذت الحية ترقص على النغمات، وتتمايل يمينا وشمالا، وترتفع بصدرها وتهبط إلى الأرض، فإذا مشى تبعته، وإذا التفت التفتت، فكانت كأنما الحاوى طلسم عليها، وقد كمل للحاوى فى زمن قليل من الجنينة والمنزل ست حيات، منها ما يبلغ طوله ستة أقدام، ثلاثة سمها قاتل، وثلاثة دون ذلك، وقد حصل له فى نحو ساعة جملة قرصات استعمل فيها الدلك بجذر النجا فقط، ولم يحصل له أدنى ضرر، وإلى الآن لم يصر وقوف أهل العلم على خواص هذه الجذور.
انتهى.
وهذه الصناعة هى طريق تكسبهم، ثم إن هذه المدينة الآن بعيدة عن النيل بنحو نصف ساعة، وبها سوق كبير دائم يباع فيه الأقمشة وأصناف العقاقير والأبزار، واللحم والخضر ونحو ذلك، وبها نحو خمسة تخوت لاستخراج الزيت من بذر الخس، وبها وكالتان ببيت بهما الواردون، ويربطون بهما مواشيهم ودوابهم، وبها مدارس ومساجد كثيرة جامعة وغير جامعة، منها ما هو بمنارة وما هو بلا منارة، وأطيانها نحو ستة آلاف فدان، يزرع فيها القمح والشعير والجلبان وغير ذلك، وفيها نصارى بكثرة، وهى من قديم الزمان منبع للعلم والعلماء، كما مر التنبيه على مدارسها، وينسب إليها البهاء زهير صاحب الظرف والأدب.