وقد أوسع صاحب:(الطالع السعيد) الكلام فى ترجمته، فكتب نحو كراسين فى فضائله التى لا تحصى، ونوادره التى لا تستقصى، قال: وكان مع اجتهاده ووفور علمه وهيبته عند الملوك خفيف الروح لطيفا، على نسك وورع ودين، ينشد الشعر والموشح والزجل والمواليا ويستحسن ذلك، وكان كثير المكارم النفسانية والمحاسن الإنسانية، لكنه كان غالبا فى فاقة، فيحتاج إلى الاستدانة.
قال: وحكى لى شيخنا تاج الدين محمد بن الدشناوى، قال:
حضرت/مرة عنده ليلة، وهو يطلب شمعة، فلم يجد معه ثمنها، فقال لأولاده: فيكم من معه درهم، فسكتوا، وأردت أن أقول معى درهم، فخشيت أن ينكر على، فإنه كان إذ ذاك قاضى القضاة بمصر، فكرر الكلام، فقلت: معى درهم، فقال: لم نسألك.
وكان الشيخ تاج الدين تلميذه وتلميذ أبيه وابن صاحبه، وحكى القاضى شهاب الدين بن الكويك التاجر المكارمى، قال: اجتمعت به مرة، فرأيته فى ضرورة، فقلت له: يا سيدنا ما تكتب ورقة لصاحب اليمن، فكتب ورقة لطيفة فيها هذه الأبيات:
تجادل أرباب الفضائل إذ رأوا … بضاعتهم موكوسة القدر والثمن
فقالوا غرسناها فلم نلق طالبا … ولا من له فى مثلها نظر حسن
ولم يبق إلا رفضها واطراحها … فقلت لهم لا تعجلوا السوق باليمن
وأرسلها إليه، فأرسل إليه مائتى دينار، واستمر يرسلها إلى أن مات - يعنى صاحب اليمن - ومن كلامه ﵁: