للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقائلة مات الكرام فمن لنا … إذ عضنا الدهر الشديد بنابه

فقلت لها من كان غاية قصده … سؤالا لمخلوق فليس بنابه

لئى مات من يرجى فمعطيهم الذى … يرجونه باق فلوذى بنابه

ولما عزل نفسه من القضاء وطلب ليولى ثانية، قام السلطان الملك المنصور لقدومه من بعيد، فصار يمشى قليلا وهم يقولون السلطان واقف، وهو يقول أدينى أمشى، وجلس معه على الجوخ حتى لا يجلس دونه، ثم نزل فغسل ما عليه واغتسل، وقبل السلطان يده، فقال: تنتفع بهذا، حكاه جماعة ممن حضر مجلسه، وقد درس بالفاضلية والمدرسة الشافعية والكاملية والصالحية بالقاهرة، ودرس بقوص بدار الحديث التى بنيت له، وكان أيام قضائه يكتب إلى النواب يذكرهم ويحذرهم.

ومما اشتهر من كتبه ما كتبه إلى المخلص البهنسى قاضى إخميم فى زمنه بعد البسملة: ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَ أَهْلِيكُمْ ناراً وَقُودُهَا النّاسُ وَالْحِجارَةُ عَلَيْها مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ لا يَعْصُونَ اللهَ ما أَمَرَهُمْ وَ يَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ﴾ (١). هذه المكاتبة إلى فلان - وفقه الله تعالى - لقبول النصيحة، وآتاه قصدا صالحا ونية صحيحة، أصدرتها إليه بعد حمد الله الذى يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور، ويمهل حتى يلتبس الإهمال والإمهال على المغرور، تذكرة بأيام الله تعالى: ﴿وَ إِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمّا تَعُدُّونَ﴾ (٢) إلى آخر مكتوب طويل، مواعظه تشيب الوليد، وكان يوم موته يوما مشهودا، ودفن يوم السبت بسفح المقطم. انتهى.


(١) سورة التحريم، الآية ٦.
(٢) سورة الحج، الآية ٤٧.