وحكى كترمير عن كتاب:(السلوك) فى سبب عزله نفسه من القضاء، أن تاجرا مات فى سنة سبع وتسعين وستمائة، فادعى رجل أنه أخوه، فأراد نائب السلطنة منكو تيمور أن يحكم بالتركة لذلك الأخ، وتوقف المترجم لعدم ثبوت النسب عنده، وكرر النائب المراسلات له فى هذا الشأن، فأبى إلا الثبوت الشرعى، ثم أرسل له النائب الأمير كرت الحاجب فقام له قاضى القضاة نصف قومة، وبعد جلوسه كلمه فى هذا الشأن، فأبى أن يحكم بمجرد شهادة النائب، ورجع الحاجب بلا حاجته.
فلما ركب قاضى القضاة إلى القلعة، وكان بطريقه مسكن النائب، قابله الحاجب وطلبه أن يدخل عند النائب، وألح عليه وأكثر فى الترجى، فسكت الشيخ قليلا ثم قال له: ليس هناك ما يجبرنى على الامتثال، وقال لمن معه من القضاة: اشهدوا أنى عزلت نفسى من القضاء، وأخبروا السلطان يعين غيرى، ورجع إلى بيته وقفل بابه، وبلغ السلطان ذلك، فلام النائب، وأرسل يعتذر للشيخ ويطلبه للحضور فأبى، فأرسل إليه الشيخ نجم الدين حسين بن محمد بن عمود والطواشى، فأكثرا عليه الترجى حتى أجابهما، وركب إلى السلطان، فقام له وأجلسه بجانبه، وألح عليه فى قبول وظيفته حتى قبلها، وكان النائب حاضرا، فقال القاضى: يا مولانا الملك، ولدك هذا النائب الذى تحبه وتعزه، أنا أدعو الله له، وجعل يفتح يده ويقبضها، وجعل السلطان والحاضرون يتبركون به، حتى أخذ السلطان الخرقة التى وضعها القاضى على المرتبة، وتناول الأمراء كل واحد منها قطعة، يضعونها فى بيوتهم للبركة.
وبالجملة فقد كان ﵁ لا تأخذه فى الله لومة لائم، قال كترمير عن كتاب:(السلوك) أيضا أن نائب السلطنة سلار أمر الأمير جمال الدين عيسى بن الحبار نائب المحتسب أن يستفتى الشيخ فى ضرب ضريبة على الأهالى يستعان بها على الحرب، فتوقف الشيخ، ولم يوافقهم على مقصودهم.