وقد كانت حصلت وقعة صبيحة الثامن والعشرين من ربيع الأول سنة تسع وتسعين وستمائة بين عساكر التتار والمصريين، فى المحل المعروف بمجمع المروج، قريبا من حمص، قال المقريزى:
وهو المسمى الآن وادى الخازندار، انهزم فيها المصريون بعد قتال شديد، وموت كثير من الطرفين. وكان السلطان على مصر يومئذ الناصر محمد بن/قلاوون، وقد استولت التتار على جميع أمتعة العرضى وعلى الخزنة، ودخلوا مدينة دمشق يوم السبت غرة ربيع الثانى وأوقعوا النهب فيها، فركب قاضى القضاة بدر الدين محمد بن جماعة، وشيخ الشيوخ تقى الدين أحمد بن تيمية، وجمع كثير من الوجوه والفقهاء إلى نحو غازان ملك التتار، يلتمسون منه العفو، وكف أذى العساكر عنهم، فقابلوه فى محل يعرف بالنيل، فترجلوا عن خيولهم، وقبلوا الأرض مرارا، فلم يلتفت إليهم، وقال لهم الترجمان عن لسانه: قد صدرت الأوامر برفع الأذى عنكم. فرجعوا ودخلوا دمشق بعد العصر.
وفى يوم الجمعة سابع الشهر، حضر رسول ملك التتار ومعه فرقة من العساكر، فقرأ منشور السلطان فاطمأن به خاطر الناس، وهذه صورته نقلا عن النورى: بقوة الله تعالى، ليعلم أمراء التومان والألوف والمائة، وعموم عساكرنا المنصورة، من المغول والطاويك والأرمن والكرج وغيرهم، ممن هو داخل تحت ربقة طاعتنا، أن الله لما نور قلوبنا بنور الإسلام، وهدانا إلى ملة النبى عليه أفضل الصلاة والسلام ﴿أَ فَمَنْ شَرَحَ اللهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فَهُوَ عَلى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللهِ أُولئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ﴾ (١) ولما أن سمعنا أن حكام مصر والشام خارجون عن طريق الدين، غير متمسكين بأحكام الإسلام، ناقضون لعهوده، حالفون بالأيمان الفاجرة، ليس لديهم وفاء ولا زمام،