للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا لأمورهم التئام ولا انتظام، وكان أحدهم إذا تولى سعى فى الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل، والله لا يحب الفساد، وشاع من شعارهم الحيف على الرعية، ومد الأيدى العادية إلى حريمهم وأموالهم، والتخطى عن جادة العدل والإنصاف، وارتكابهم الجور والاعتساف.

حملتنا الحمية الدينية والحفيظة الإسلامية، على أن توجهنا إلى تلك البلاد لإزالة هذا العدوان، وإماطة هذا الطغيان، مستصحبين الجم الغفير من العساكر، ونذرنا على أنفسنا أنه إن وفقنا الله تعالى لفتح تلك البلاد أزلنا العدوان والفساد، وبسطنا العدل والإحسان فى كافة العباد امتثالا للأمر الإلهى: ﴿إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَ إِيتاءِ ذِي الْقُرْبى وَ يَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾ (١) وإجابة لما ندب إليه الرسول : (إن المقسطين عند الله على منابر من نور عن يمين الرحمن وكلتا يديه يمين، الذين يعدلون فى حكمهم وأهليهم وما ولوا)، حيث كانت طويتنا مشتملة على هذه المقاصد الحميدة والنذور الأكيدة، منّ الله علينا بتبلج تباشير النصر المبين، والفتح المستبين، وأتم علينا نعمته، وأنزل علينا سكينته، فقهرنا الأعادى الطاغية، والجيوش الباغية، وفرقناهم أيدى سبا، ومزقناهم كل ممزق، حتى جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا، فازدادت صدورنا انشراحا للإسلام، وقويت نفوسنا بحقيقة الأحكام، منخرطين فى زمرة من حبيب الله إليهم الإيمان، وزينه فى قلوبهم، وكره إليهم الكفر والفسوق والعصيان، أولئك هم الراشدون فضلا من الله ونعمة، فوجب علينا رعاية تلك العهود الموثقة، والنذور المؤكدة، فصدرت مراسيمنا العالية أن لا يتعرض أحد من العساكر المذكورة على


(١) سورة النحل، الآية ٩٠.