الميلاد. ولم يذكرها إلا هيرودوط فى سياحته لمصر قبل المسيح بأربعمائة وستين سنة، بخلاف طونيس فكانت تذكر كثيرا. انتهى.
وفى كتب القبط والروم: أن كانوب كان بها دير يغلب على الظن أنه هو الذى سماه مارى جيروم دير التوبة، وكان بجوارها على غلوتين منها قرية تسمى منوطة ومعناها المحل المقدس. اه.
وفى كتاب الجغرافيا الفرنجى: أن كانوب كانت هى ومدينة الإسكندرية محل إقامة بطليموس الفلكى صاحب المجسطى المولود أول سنة من القرن الثانى من الميلاد، وابتدأ فى التأليف فى سنة مائة وثمان وعشرين، واشتغل بذلك أربعين سنة وصنف كتبا كثيرة. انتهى.
ثم إن كانوب كان بها معبد سبرابيس، وكان من أشهر المعابد وكانت الناس تحج إليه من جميع بلاد مصر القبلية والبحرية سيما أهالى المدن الغربية كالإسكندرية وغيرها، لكن لم يكن قصدهم مجرد الزيارة والتبرك بل كان جل قصدهم النزهة والفرجة والفسوق لما كانت تشتمل عليه تلك المدينة من أنواع الملاهى وكثرة العواهر من النساء الواردات إليها فى وقت الموسم زيادة عن المقيمات بها على الدوام، فكانت الشهوات والملاذ فيها لا تقف عند حد وكان لا يتعرض لأحد فيها بسوء. ولا يمنع أحد شيئا من ذلك وكانت الكهنة فيها تشتغل بالحكمة ونشر الكرامات والخوارق، وكان لهم اليد الطولى فى المعالجة والمداواة وعمل المقوّيات باستعمال حمامات مطربة وطعوم شهية ومواعظ وحكايات تجلب الفرح وتذهب الحزن. ويبالغون فى ذكر كرامات سبرابيس وأسراره وينسبون إليه كل ما حصل من شفاء مريض أو حصول خير أو شر لأحد، ويسجلون ذلك عندهم فى دفاتر وسجلات فتّطلع الأهالى عليها فيزيد اعتقادهم فيه ويمدون الكهنة بالأموال والهدايا قصدا لالتماس البركة، والوقاية من السوء. فكان كهنة سبرابيس أغنى من كهنة باقى المقدسين بالديار المصرية وكانت لا تنقطع زيارته فى جميع أوقات السنة.