ومهر وتقدم على غالب أقرانه وتفنن فى العلوم العقلية والنقلية وتصدى للتدريس والتصنيف فشرح كلا من:«جمع الجوامع»، و «الورقات»، و «المنهاج الفرعى» و «البردة» وأتقنها ما شاء مع الاختصار والاعتناء بالذب عنها.
وكذا عمل منسكا وتفسيرا لم يكمل غيرهما ما لم ينتشر، وارتحل الفضلاء للأخذ عنه، وتخرج به جماعة درسوا فى حياته. وحدث باليسير، سمع منه الفضلاء.
وقد ولى تدريس الفقه بالبرقوقية عوض الشهاب الكورانى حين نفيه فى سنة أربع وأربعين حتى كان ذلك سببا لتعقبه عليه فى شرح جمع الجوامع بما ينازع فى أكثره، وربما تعرض بعض الآخذين عن الشيخ لانتقاده وإظهار فساده.
وكان إماما علامة محققا نظارا مفرط الذكاء صحيح الذهن بحيث كان بعض المعتبرين يقول: إن ذهنه يثقب ألماس. وكان يقول عن نفسه: إن فهمى لا يقبل الخطأ. حاد القريحة، قوى المباحثة، معظما بين الخاصة والعامة، مهيبا وقورا، عليه سيما الخير. اشتهر ذكره وبعد حسبه وقصد بالفتاوى من الأماكن النائية وهرع إليه غير واحد من الأعيان بقصد الزيارة والتبرك، وأسندت إليه عدة وصايا فحمد فيها، وعمّر من ثلث بعضها ميضأة بجوار جامع الفكاهين انتفع الناس بها دهرا.
ولم أكن أقصد به عن درجة الولاية. وترجمته تحتمل كراريس، وقد حج مرارا. ومات بعد أن تعلل بالإسهال من نصف رمضان فى صبيحة يوم السبت مستهل سنة أربع وستين وثمانمائة، وصلى عليه بمصلى باب النصر فى مشهد حافل جدا، ثم دفن عند آبائه بتربته التى أنشأها تجاه جوشن، وتأسف الناس عليه كثيرا وأثنوا عليه جميلا، ولم يخلف بعده مثله. ورثاه بعض الطلبة بل مدحه فى حياته جماعة من الأعيان.
ومما كتبه هو على شرحه لجمع الجوامع مضمنا لشعر شيخنا: