من العطش. فتعرض له سيدى الشيخ محمد الشناوى شفقة على الناس، فكان يجمع تلامذته وأصحابه ويقعد يملح فى الشعير ويقول: اعتق الفقراء لئلا يموتوا، وكان محبو الشيخ يتفقدونه بالماء والطعام وهو يقطع فى الشعير، فكان حمادة الذى بمحلة ديبة ملازما لإرسال الطعام له فى كل يوم فدعا له الشيخ بالبركة فى المال والولد فهو إلى الآن فى بركة دعائه.
وعزم الشيخ على السفر لبلد السلطان ابن عثمان بسبب ذلك، فرآه السلطان سليمان فى داره ليلا وهو راكب حمارته السوداء وقال له: ابطل الشعير الذى ببلاد مصر فى درك ابن يوسف. فقال للوزير ذلك عند الصباح. فكاتبوا نائب مصر قاسم كزك فأرسل لهم أن الخبر صحيح، وأن الذى رآه السلطان هو الشيخ محمد الشناوى، فأرسل السلطان بإبطال الشعير، فهو إلى الآن بطال.
وكانت بهائمه وحبوبه على اسم المحاويج لا يختص منها بشئ، وكان لا يقبل هدايا العمال ولا المباشرين ولا أرباب الدولة، وأهدى له نائب مصر قاسم كزك أصوافا وشاشات وبعض مال فرده عليه وقال: وعزة ربى عندى جلة البهائم خير من هديتك.
وكان إذا جلس إليه أبعد الناس عنه لا يقوم من مجلسه حتى يعتقد أنه أعز من أصحابه من حسن إقباله عليه.
وقال الشيخ محمد السنجيدى: كنا إذا زرنا الشيخ فى ابتداء أمره فى ناحية الحصة لا نرجع إلا ضعافا من كثرة السهر، لأنا كنا نمكث اليومين والثلاثة والأربعة لا يمكننا النوم بحضرته ليلا ولا نهارا، فإن قراءة القرآن عنده دائما، فإذا فرغ من القرآن افتتح الذكر، فإذا فرغ من الذكر افتتح القرآن وهذا دأبه إلى أن مات.
وهو الذى أبطل البدع التى كانت تطلع بها الناس فى مولد سيدى أحمد البدوى من نهب أمتعة الناس، وأكل أموالهم بغير طيب نفس، ويرون أن جميع