ما يأخذونه من بلاد الغربية حلال، ويقولون: هذه بلاد سيدى أحمد البدوى ونحن من فقرائه. وكانوا يطلعون بالدف والمزمار فأبطل ذلك وجعل عوضه مجلس الذكر.
وكانت وفاته فى ربيع الأول سنة اثنتين وثلاثين وتسعمائة، ودفن بزاويته بمحلة روح فى غفلة/من الناس واقتتل الناس على النعش وذهلت عقولهم من عظم المصيبة بهم لسعيه فى إرشادهم لخير دنياهم وأخراهم. وقبره بها ظاهر ويزار معمور بالفقراء والمجاورين ﵁.
وهذه القرية من ضمن البلاد التى اختارها المرحوم محمد على باشا لأن يبنى فيها مراحات الأغنام التى جلبها من بلاد أوربا المعروفة بالميرنوس، وذلك كما فى كتاب هامون الفرنساوى ناظر مدرسة البياطره والاصطبلات: أن العزيز فى أثناء شغل أفكاره بالحوادث الخارجية المهمة والتنظيمات الداخلية الجالبة لتقدم القطر وثروته، وجه أفكاره إلى تحسين جنس الأغنام لتحسن أصوافها. فإن صوف الغنم المصرية بسبب طوله وخشونته وصلابته كان غير جيد لعمل الجوخ والطرابيش والثياب الرفيعة، والحكومة مضطرة لوجود الصوف الناعم الصالح لتلك الأعمال، فكان العزيز يشترى كل سنة من صوف غنم أوروبا الصالح لذلك ما قيمته ثمانمائة ألف فرنك. فأراد عمل طريقة يستغنى بها عن شراء الصوف، فاشترى عددا وافرا من أغنام أوروبا ووزعها فى مديرية البحيرة جهة النجيلة ودمنهور ونحوها، وجعل لها مديرا لمصالحها ورعاة من العرب ومراحات تبيت فيها.
ولكثرة العرب بمديرية البحيرة وكثرة أغنامهم التى عادتهم رعيها فى تلك الجهات كان المرعى قليلا على الأغنام الأوروباوية وجهاته ضيقة، فكان رعاتها يسرحونها على حافات الترع والبواطن فتلتقط من الحشائش النابتة بها الكثيرة الرطوبة والمائية فكان يتولد لها الأمراض من ذلك. ولم يكن لها فى زمن الصيف ما يقيها من حر الشمس ولا فى زمن الشتاء ما يقيها من البرد والمطر، فتراكمت عليها الأمراض ومات منها كثير.