لفرائض اليونانيين، فقبل ذلك، وقام بها فاشتد إعجابهم به وفشا بمصر ورعه حتى بلغ ذكره إلى أماسيس ملك مصر فجعله سلطانا على ضحايا الرب وعلى سائر قرابينهم ولم يعط ذلك لغريب قط.
ويقال إنه كان للكواكب السبعة السيارة هياكل تحج الناس إليها من سائر أقطار الدنيا وضعها القدماء فجعلوا على اسم كل كوكب هيكلا فى ناحية من نواحى الأرض، وزعموا أن البيت الأول هو الكعبة، وأنه مما أوصى به إدريس -الذى يسمونه هرمس الأول المثلث-أن يحج إليه وزعموا أنه منسوب لزحل.
والبيت الثانى بيت المريخ وكان بمدينة صور من الساحل الشامى. والبيت الثالث للمشترى وكان بدمشق بناه جيرون بن سعد بن عاد وموضعه الآن جامع بنى أمية. والبيت الرابع بيت الشمس بمصر ويقال إنه من بناء هرشيك أحد ملوك الطبقة الأولى من ملوك الفرس وهو المسمى بعين شمس. والبيت الخامس بيت الزهرة وكان بمنتيح. والبيت السادس بيت عطارد وهو بصيدى من ساحل البحر الشامى. والبيت السابع بيت القمر وكان بحّران ويقال إنه قلعتها ويسمى المدور ولم يزل عامر إلى أن خربه التتار ويقال إنه هيكل الصابئة الأعظم انتهى.
وفى تاريخ مختصر الدول لأبى الفرج الملطى: أن الأقدمين من اليونانيين يزعمون أن خنوخ هو هرمس ويلقب طريس مجسطيس أى ثلاثى التعليم لأنه كان يصف البارى تعالى بثلاث صفات ذاتية هى الوجود، والعلم، والحياة، والعرب تسميه إدريس. وقيل إن الهرامسة ثلاثة:
الأول هرمس الساكن بصعيد مصر الأعلى، وهو أول من تكلم فى الجواهر العلوية وأنذر بالطوفان وخاف ذهاب العلوم ودروس الصنائع، فبنى الأهرام وصور فيها جميع الصناعات والآلات، ورسم فيها طبقات العلوم حرصا منه على تخليدها لمن بعده.