ولملوك النصارى من الحبشة والروم والفرنج فيه غلو عظيم وهم يتهادونه من صاحب مصر. ويرون أنه لا يصح عندهم لأحد أن يتنصر إلا أن يغمس فى ماء المعمودية ويعتقدون أنه لابد أن يكون فى ماء المعمودية شئ من دهن البلسان ويسمونه الميرون.
وسبب تعظيم النصارى لدهن البلسان ما ذكره فى كتاب السنكسار:-وهو يشتمل على أخبار النصارى-أن المسيح لما خرجت به أمه ومعهما يوسف النجار من بيت المقدس فرارا من هيرودس ملك اليهود، نزلت به أول موضع من أرض مصر مدينة بسطة فى رابع عشر بشنس. فلم يقبلهم أهلها فنزلوا بظاهرها وأقاموا أياما ثم ساروا إلى مدينة سمنود، وعدوا النيل إلى الغربية ومشوا إلى مدينة الأشمونيين وكان بأعلاها إذ ذاك شكل فرس من نحاس قائم على أربعة أعمدة فإذا قدم إليها غريب صهل فجاءوا ونظروا فى أمر القادم. فعندما وصلت مريم بالمسيح ﵇ إلى المدينة سقط الفرس المذكور وتكسر فدخلت به أمه.
وظهرت له ﵇ فى الأشمونين آية أخرى، وهو أن خمسة جمال محملة زاحمتهم فى مرورهم فصرخ فيها المسيح فصارت حجارة. ثم أنهم ساروا من الأشمونيين وأقاموا بقرية تسمى فيلس مدة أيام ثم مضوا إلى مدينة تسمى قس وقام وهى التى يقال لها اليوم القوصية. فنطق الشيطان من أجواف الأصنام التى بها وقال: أن امرأة أتت ومعها ولدها يريدون أن يخربوا معابدكم، فخرج إليهم مائة رجل بسلاحهم وطردوهم عن المدينة فمضوا إلى ناحية ميرة فى غربى القوصية ونزلوا فى الموضع الذى يعرف اليوم بدير المحرق وأقاموا به ستة أشهر وأياما. فرأى يوسف النجار فى منامه قائلا يخبره بموت هيردوس ويأمره أن يرجع بالمسيح إلى القدس فعادوا من الميرة حتى نزلوا الموضع الذى يعرف اليوم فى مدينة مصر بقصر الشمع، وأقاموا بمغارة تعرف اليوم بكنيسة بوسرجة، ثم خرجوا منها إلى عين شمس فاستراحوا هناك بجوار ماء، فغسلت مريم من ذلك الماء ثياب المسيح وقد اتسخت وصبت غسالتها بتلك الأرض.