للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فأنبت الله هناك البلسان وكان إذا ذاك بالأردن فانقطع من هناك وبقى بهذه الأرض.

وبنيت هذه البئر التى هى الآن موجودة هناك على ذلك الماء الذى غسلت منه مريم. وبلغنى أنها إلى الآن إذا اختبرت يوجد ماؤها عينا جارية فى أسفلها فهذا سبب تعظيم النصارى لهذه البئر وللبلسان فإنه إنما سقى منها والله أعلم.

انتهى.

قال عبد اللطيف البغدادى فى كتاب الإفادة والاعتبار: البلسان لا يوجد اليوم إلا فى مصر بعين شمس فى موضع محاط عليه، محتفظ به، مساحته نحو سبعة أفدنة وارتفاع شجرته نحو ذراع وأكثر من ذلك، وعليها قشران الأعلى أحمر خفيف والأسفل أخضر ثخين، وإذا مضغ ظهر فى الفم منه دهنية ورائحة عطرية، وورقه يشبه ورق السذاب. ويجتنى دهنه عند طلوع الشعرى بأن تشدخ السوق بعد ما يحت عنها جميع ورقها، وشدخها يكون بحجر محدد، ويفتقر شدخها إلى صناعة بحيث يقطع القشر الأعلى ويشق الأسفل شقا لا ينفذ إلى الخشب، فإن نفذ إلى الخشب لم يخرج منه شئ فإذا شدخه كما وصفنا أمهله ريثما يسيل لثاه على العود فيجمعه بإصبعه مسحا إلى قرن، فإذا امتلأ صبه فى قوارير من زجاج. ولا يزال كذلك حتى ينتهى جناه وينقطع لثاه.

وكلما كثر الندى فى الجو كان لثاه أكثر وأغزر، وفى الجدب وقلة الندى يكون اللثى أنذر. ومقدار ما خرج منه فى سنة ٥٩٦ وهى عام جدب نيف وعشرون رطلا، ثم تؤخذ القوارير فتدفن إلى القيظ وحمارّة الحر، وتخرج من الدفن وتجعل فى الشمس. ثم تتفقد كل يوم فيوجد الدهن قد طفا فوق رطوبة مائية وأثقال أرضية فيقطف الدهن ثم يعاد إلى الشمس، ولا يزال كذلك بشمسها ويقطف دهنها حتى لا يبقى فيها دهن، فيؤخذ ذلك الدهن ويطبخه قيمه فى الخفية لا يطلع على طبخه أحد، ثم يرفعه إلى خزانة الملك. ومقدار مكتبة الأسرة-٢٠٠٨