فأخذ أبو السعود عليهم عهدا أن لا يخرجوا عن طاعته ولا يخامروه ولا يغدروا به، وحلفهم على ذلك على المصحف. وانفض المجلس على سلطنة طومان باى.
وفى يوم الجمعة رابع عشر رمضان سنة اثنتين وعشرين وتسعمائة انعقدت له البيعة من الخليفة أمير المؤمنين يعقوب، وكافة الأمراء، وقاضى قضاة الحنفية حسام الدين محمود بن الشحنة، والقاضى شرف الدين يحيى بن الردينى أحد نواب الشافعية، والقاضى شمس الدين بن وحيش.
وبعد انعقاد البيعة أحضرت له خلعة السلطنة وهى الجبة والعمامة السوداوان والسيف البداوى. وأفيض عليه شعار الملك وسمى بالملك الأشرف، وخطب باسمه بعد انقطاع الخطبة باسم السلطان نحو خمسين يوما وكان لا يذكر فيها إلا اسم الخليفة.
ثم أخذ يتجهز لقتال ابن عثمان، وأمر بحفر خندق من سبيل علان إلى الجبل الأحمر وإلى آخر غيطان المطرية، ونصب على الخندق الطوارق والمكاحل وعمرها بالمدافع وصف حولها عربات الخشب التى صنعها بالقلعة.
واهتم بعمل حائط يكون سترا للمكاحل. وجعل يحمل الحجارة بنفسه، فلما رأى العسكر ذلك صار المماليك يحملون الحجارة والتراب فى حفر الخندق وعمل الحائط، وقد نصب وطاقه بالريدانية (المطرية). وكان يتردد إليه ويتفقد العسكر ويحرضهم، وكان عنده الصبى الذى كان عند عمه الغورى من عائلة ابن عثمان فارا من عند ابن عثمان، فجعل له بركا وسنجا على انفراده.
والبرك كما قال كترمير فى كتابه عن السلوك للمقريزى: كلمة تركية تذكر كثيرا بمعنى الأمتعة والأشياء المملوكة. يقال أخذ ما تخلف من مال ودواب وبرك، ويقال: نهب بركة وكل ما ملكه. ويقال: حج فلان بتجمل زائد ورخت عظيم وبرك هائل. اه
وقد رسم له بأن يقف وقت الحرب تحت الصنجق (أى راية الحرب).