عاتبه ببعض كلمات ثم خرجوا به من قدامه فجعلوه فى خيمة وأحاطت به العسكر فأقام كذلك نحو سبعة عشر يوما.
وفى يوم الاثنين ثانى عشر ربيع الأول وهو يوم الخماسين يوم فطر النصارى وعيدهم الأكبر، عدوا به من بر انبابة إلى بولاق وهو راكب على كديش وفيه الحديد، ومروا به من المقس على سوق مرجوش حتى وصل إلى باب زويلة، وكان قدامه وحوله نحو أربعمائة عسكرى، فأنزلوه من على فرسه وأرخوا له الحبال ووضعوا له الخيط فى رقبته وهو مكشوف الرأس، وعلى جسده شاباه جوخ أحمر وفوقها ملوطة بيضاء كبيرة الكمين وفى رجليه لباس من جوخ أزرق، ولما رفع انقطع به الحبل مرتين وفى الثالثة قضى عليه. وعند ذلك صرخت عليه الناس صرخة عظيمة وكثر عليه الحزن والأسف فإنه كان شابا، حسن الشكل، كريم الأخلاق، شجاعا، تصدى لقتال ابن عثمان وقتل من رجاله ما لا يحصى وكسرهم ثلاث مرات. وقد عاش من العمر نحو أربع وأربعين سنة.
ودفن خلف مدرسة عمه فى الحوش الذى هناك بعد أن مكث معلقا ثلاثة أيام حتى تغير. وقد بطل الدفن فى ذلك الحوش.
/وسيرته من حروب ووقعات وغيرها مبسوطة فى ابن إياس وغيره من التواريخ. وقد خلت البلاد من بعده للسلطان سليم شاه وتمكنت الدولة العثمانية بالديار المصرية، وصارت مصر نيابة بعد أن كان سلطانها أعظم السلاطين. وذلك أن السلطان سليم جعل فيها خير بك نائبا وهو أول من ناب فيها، ثم خرج منها السلطان قاصدا القسطنطينية فى يوم الخميس الثالث والعشرين من شعبان سنة ثلاث وعشرين وتسعمائة، فركب من بيت السلطان قايتباى الذى هو خلف حمام الفرقانى وشق من الصليبة إلى الرميلة وقدامه العساكر والأمراء والجنائب تقاد بين يديه.
وكان راكبا على بغلة صفراء كان يركبها السلطان الغورى ولابسا قفطانا مخملا أحمر، وطلع من على السور ونزل من على تربة قايتباى من بين المقابر