فقطعوا رأسه ووضعوها فى علبة وأرسلت إلى الأستانة للسلطان. وهذا آخر العهد به رحمه الله تعالى.
ولما حصل لمصر من تلك الوقعات ودخول عساكر ابن عثمان بها ما حصل من/الاضمحلال وسوء الحال سيما بخروج من خرج منها من علمائها وأشرافها وأكابرها، رثاها ابن إياس بقصيدة أجاد فيها حيث أشار فيها لكثير من ذلك فقال:
نوحوا على مصر لأمر قد جرى … من حادث عمت مصيبته الورى
زالت عساكرها من الأتراك فى … غمض العيون كأنها سنة الكرى
وأتى إلينا عسكر سيماهمو … حلق الذقون ولبس طرطور يرى
لا يعرف الأستاذ من غلمانه … وأميرهم بين الأنام تحقرا
جلّ الإله مصدقا عما حكى … فى سورة الروم العظيمة أخبرا
قد أوعد الرحمن وعدا صادقا … أن ابن عثمان يلى وكذا جرى
ولاه رب العرش سلطانا على … مصر وهذا الأمر كان مقدّرا
أين الملوك بمصر من طبقاتها … مثل البدور سنى وكانت أنوارا
يا لهف قلبى للمواكب كيف لم … تلق بقلعتها الحزينة عسكرا
لهفى على ذاك النظام وحسنه … ما كان فى الترتيب منه أفخرا
لهفى على ضرب الكرات ولعبها … فى الحوش صارت فى الحضيض إلى ورا
لهفى على النشاب والرمح الذى … كانا مع الدبوس يكسر عنترا
لهفى على لبس الكراف بحندس … بطلت وأكنوا كل زنط أحمرا
لهفى على المهماز والخف الذى … كانا نهارا لحرب أصون للثرا
لهفى على أعياد مصر كيف قد … أفنت تشاريفا بها ومتمرا
وكذا الكنابيش التى قد زخرفت … كانت تشد خيولها عند الثرا
وكذا السروج المغرقات بلمعها … كانت كبرق أو كليل أقمرا