وأصحابه يتشبهون به، يتسابقون إلى المعروف، كما قال تعالى/:«وَ نَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ».
وأول ليلة حضرته وجدت مجلسا حفلا بأهل العلم يتذاكرون فى أصناف العلوم. وهو يحسن الاستماع والمشاركة. ويأخذ فى كيفية بناء الأسوار وحفر الخنادق. ويتفقه فى ذلك، ويأتى بكل معنى بديع. وكان مهتما فى بناء سور القدس وحفر خندقه، يتولى ذلك بنفسه وينقل الحجارة على عاتقه، ويتأسى به جميع الناس الفقراء والأغنياء والأقوياء والضعفاء حتى العماد الكاتب، والقاضى الفاضل، ويركب لذلك قبل طلوع الشمس إلى وقت الظهر ويأتى داره ويمد السماط، ثم يستريح ويركب العصر، ويرجع فى المشاعل، ويصرف أكثر الليل فى تدبير ما يعمل نهارا.
وكتب لى صلاح الدين بثلاثين دينارا فى كل شهر على ديوان الجامع بدمشق وأطلق لى أولاده رواتب حتى تقرر لى فى كل شهر مائة دينار.
ورجعت إلى دمشق وأكببت على الاشتغال وإقراء الناس فى الجامع.
وكلما أمضت فى كتب القدماء ازددت فيها رغبة وفى كتب ابن سينا زهادة واطلعت على بطلان الكيمياء، وعرفت حقيقة الحال فى وضعها ومن وضعها وتكذّب بها، وما كان قصده فى ذلك. وخلصت من ضلالين عظيمين موبقين.
وتضاعف شكرى لله ﷾ على ذلك. فإن أكثر الناس إنما هلكوا بكتب ابن سيناء وبالكيمياء.