للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يديه، ويا سرور من حظى بوجه إقباله عليه، ومن ورد بحار فضله وتروى من غديرها، واستضاء بشمس علومه فسرى فى ضياء منيرها. نسأل الله تعالى تقريب الاجتماع، وتحصيل الجمع بين مسرتى الأبصار والأسماع، بمنه وكرمه إن شاء الله تعالى.

ومن مراسلات الشيخ موفق الدين عبد اللطيف أنه بعث إلى أبى فى أول كتاب وهو يقول فيه عنى: ولولد الولد أعز من الولد. وهذا موفق الدين ولد الولد وأعز الناس عندى. وما زالت النجابة تتبين لى فيه من الصغر. ووصف وأثنى كثيرا وقال فيه: لو أمكننى أن آتى إليه بالقصد ليشتغل علىّ لفعلت.

وبالجملة أنه كان عزمه أن يأتى دمشق ويقيم بها، ثم خطر له أنه قبل ذلك يحج ويجعل طريقه على بغداد، وأن يقدم بها إلى الخليفة المستنصر بالله أشياء من تصانيفه.

ولما وصل بغداد مرض فى أثناء ذلك. وتوفى يوم الأحد ثانى عشر المحرم سنة تسع وعشرين وستمائة. ودفن بالوردية عند أبيه، وذلك بعد أن خرج من بغداد، وبقى غائبا عنها خمسا وأربعين سنة. ثم إن الله تعالى ساقه اليها وقضى منيته بها.

ومن كلامه رحمه الله تعالى مما نقلته عن خطه قال: ينبغى أن تحاسب نفسك كل ليلة إذا أويت إلى منامك. وتنظر ما اكتسبت فى يومك من حسنة فتشكر الله عليها. وما اكتسبت من سيئة فتستغفر الله منها وتقلع عنها، وترتب فى نفسك ما تعمله فى غدك من الحسنات، وتسأل الله تعالى الإعانة على ذلك.

وقال: أوصيك أن لا تأخذ العلوم من الكتب، وإن وثقت من نفسك بقوة الفهم. وعليك بالأستاذين فى كل علم تطلب اكتسابه، ولو كان الأستاذ ناقصا فخذ عنه ما عنده حتى تجد أكمل منه. وعليك بتعظيمه وترحيبه. وإن قدرت أن تفيده من دنياك فافعل وإلا فبلسانك وثنائك.