للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإذا قرأت كتابا فاحرص كل الحرص على أن تستظهره وتملك معناه.

وتوهم أن الكاتب قد عدم، وأنك مستغن عنه لا تحزن لفقده. وإن كنت مكبا على دراسة كتاب وتفهمه فإياك أن تشتغل بآخر معه. واصرف الزمن الذى تريد صرفه فى غيره إليه. وإياك أن تشتغل بعلمين دفعة واحدة، وواظب على العلم الواحد سنة أو سنتين أو ما شاء الله. فإذا قضيت منه وطرك فانتقل إلى علم آخر. ولا تظن إنك إذا حصّلت علما فقد اكتفيت، بل تحتاج الى مراعاته لينمو ولا ينقص، ومراعاته تكون بالمذاكرة والتفكر، واشتغال المبتدئ بالتحفظ والتعلم ومباحثة الأقران واشتغال العالم بالتعليم والتصنيف.

وإذا تصديت لتعليم علم أو للمناظرة فيه، فلا تمزج به غيره من العلوم، فإن كل علم مكتف بنفسه مستغن عن غيره. فإن استعانتك فى علم بعلم عجز عن استيفاء أقسامه كمن يستغن بلغة فى لغة أخرى إذا ضاقت عليه أو جهل بعضها.

قال: وينبغى للإنسان أن يقرأ التواريخ وأن يطلع على السير وتجارب الأمم، فيصير بذلك كأنه فى/عمره القصير قد أدرك الأمم الخالية وعاصرهم وعاشرهم وعرف خيرهم وشرهم.

قال: وينبغى أن تكون سيرتك سيرة الصدر الأول، فاقرأ سيرة النبى .

وتتبع أحواله وأفعاله، واقتف آثاره، تشبه به ما أمكنك وبقدر طاقتك. وإذا وقفت على سيرته فى مطعمه ومشربه وملبسه ومنامه ويقظته وتمرضه وتطببه ومعاملته مع ربه، ومع أزواجه وأصحابه، وأفعاله مع أعدائه، وفعلت اليسير من ذلك فأنت السعيد كل السعيد.

قال: وينبغى أن تكثر اهتمامك لنفسك ولا تحسن الظن بها. وتعرض خواطرك على العلماء وعلى تصانيفهم. وتثبت ولا تعجل ولا تعجب. فمع العجب العثار، ومع الاستبداد الزلل. ومن لم يعرق جبينه ساعيا إلي أبواب العلماء لم يعرف الفضيلة، ومن لم يخجلوه لم يبجله الناس، ومن لم يبكتوه لم