قال قلوت بيك فى كتابه على مصر: قد أحدث العزيز محمد على عدة فوريقات للغزل والنسيج، فللقطن خاصة ثمانى عشرة فوريقة تشتمل على ألف ألف مغزل وأربعمائة وتسعة وخمسين ألف مغزل. منها مائة وخمسة عشر ألفا للغزل الغليظ والباقى للرفيع. وعلى أكثر من مائتى ألف نول للنسج يتحصل منها كل يوم من أيام الشتاء ثلاثة آلاف وخمسمائة ثوب، وضعف ذلك فى أيام الصيف.
ومتحصل الجميع فى السنة يقرب من مليونين من الثياب وهى فوريقة المنصورة وفوريقة دمياط وفوريقة دمنهور وفوريقة رشيد. وينسج فى هذه الفوريقة قلوع المراكب. وفوريقة المحلة الكبرى وفوريقة شبين الكوم وفوريقة قليوب وفوريقة زفتة وفوريقة منية غمر وفوريقة بنى سويف وفوريقة أسيوط -وهما أكبر فوريقات الصعيد-ثم فوريقة المنية وفوريقة فرشوط وفوريقة طهطها وفوريقة دجرجا وفوريقة قنا. وأكبر الجميع فوريقة مالطة التى ببولاق وفيها ينسج القماش الرفيع وغيره، ويليها فوريقة الخرنفش بالقاهرة.
وذلك غير فوريقات الكتان وهى كثيرة فى أقليم مصر وأغلبها فى الوجه البحرى أنوالها ثلاثون ألف نول. والمتحصل منها كل سنة يقرب من ثلاثة ملايين مقاطع، أكثرها يستهلك فى القطر، ويتجر فى الباقى فى بلاد تريستة وليغورنة ونحوها.
ثم أورد جملة من إنشاءات العزيز المهمة ذات المنافع الجمة فى هذه الديار، وذلك بعد أن طهر البلاد من أهل البغى والفساد. قال: فمن إنشائه المبيضة التى أنشأها بين بولاق وشبرى لتبييض مقاطع الكتان وبصم أقمشة الشيت. ومتحصلها فى الشهر قريب من ثمانمائة مقطع من البصمة. وتكون بذلك مقبولة مرغوبة ويبصم هناك أيضا المناديل فترغبها النساء كثيرا. ومن ذلك أنوال نسج الحرير فقد جعلها مائتى نول ينسج بها المقصب وغيره. وأحضر لها شغالة من إسلامبول فأتقنت صناعته والتحقت بنسج بلاد الهند ونحوها.