على الأهالى ويتعدون على أنفسهم وأموالهم كما هى عادة العرب فى كل جهة إذا وجدوا إلى الإفساد سبيلا.
فمن ذلك ما حكاه العالم كترمير نقلا عن كتاب السلوك للمقريزى: أن عرب الجهات القبلية زاد تعديهم وإفسادهم فى البلاد فى سنة إحدى وسبعمائة، حتى حصل منهم فى مدينة منفلوط وأسيوط فرض فريضة على البياعين وأرباب الصنائع والحرف، واحتقروا الحكام وعطلوهم عن جمع الأموال وجعلوا منهم رئيسين سموا واحد بيبرس والآخر سلارا. وجعلوا من تحت الرئيسين أمراء، ولبسوا السلاح على هيئة العساكر، وأطلقوا المسجونين.
فاجتمعت أمراء الدواوين بمصر المحروسة، وأحضروا القضاة والعلماء وعقدوا المشورة فى محاربة العرب. فاتفق رأيهم على محاربتهم وعلى محاصرتهم فى مساكنهم، وقفل الطرق عليهم بحيث لا يتمكنون من الجبال والصحارى. وصدر الأمر إلى حاكم الجيزة ناصر الدين محمد بن الشيخ بقطع طريق الصعيد برا وبحرا.
وقد أشاع الأمراء والعساكر أنهم متوجهون إلى الشام، وفرقوا بذلك أوراقا.
وكانوا عشرين أميرا بعساكرهم منقسمين إلى أربع فرق: فرقة تسير فى البر الغربى، وأخرى فى الشرقى، والثالثة تركب النيل، والرابعة فى الطريق المعتاد. وكان الأمر بينهم جميعا قتل من عثروا به، ولا يوقرون شيخا ولا يرحمون صغيرا، مع التحفظ على أموالهم.
وأخذ الأمير شمس الدين سنقر الأعسر طريق الواحات، ومعه خمسة من الأمراء. وأخذ الأمير سلار طريق الغرب. ومن أمرائه الأمير بيبرس تبع طريق الحاجر. والأمير بكتاش أمير سلاح تبع طريق الفيوم. وأخذ الأمير بكتمر الجوكندار بعسكره طريق البر الشرقى وقنال السبع. والأمير بيبرس الدوادار مع عرب الشرقية تبعوا طريق السويس والطور. والأمير كنجق سار إلى عقبة السيل.
والأمير سقطبا حاكم قوص مع عرب عمله زحف بمن معه إلى جهة بحرى، وقطع طريق الصحارى.