والأخرى لأمير اللواء أحمد بيك سردار الحبشة سابقا ودفتر دار مصر حاليا بتوليته حكومة دجرجا. فأحضر حضرة الوزير الصناجق والأمراء وأغوات البلكات، ومن كل بلك جماعة من الأعيان وخدمة الديوان. وقرأ عليهم الأوامر السلطانية. وأحضر أحمد بيك ليخلع عليه خلعة حكومة دجرجا، فتوقف فى قبولها فخلع عليه جبرا. ثم عين يوسف أغاة الجمالية متسلما لأقطار دجرجا بالوكالة عن أحمد بيك. وألبسه خلعة وعين معه سبعين من كل ذلك من السبعة عشر رجلا. فتوجه يوسف أغا إلى دجرجا من طريق البر.
وكان الوزير قد أرسل كلا من على كتخدا، وحسين إلى محمد بيك بمدينة منفلوط لتسليمه خلعة باشوية الحبشة. فامتنع من قبولها وقبول الأوامر السلطانية، وكذا لما وصل يوسف أغا بمن معه من العسكر إلى منية ابن خصيب، أرسل لمحمد بيك يخبره أنه تسلم حكومة دجرجا، وأنه هو متوجه إلى الحبشة فلم يقبل ومنع منعا كليا، فجلس يوسف أغا بالمنية وأعرض للوزير بالحاصل وأن الطريق مقطوعة من العرب ومن عصبة محمد بيك، فجمع الوزير الصناجق، وأمراء الجراكسة، وأغوات البلكات، وقاضى العسكر أحمد أفندى ونقيب الأشراف برهان أفندى، وحضرة شيخ الإسلام مفتى السلطنة الشيخ محمد البكرى الصديقى، وقرأ عليهم العرض واستشهد بمن جاءوا به على امتناع محمد بيك من قبول الأوامر الشريفة وإظهار العصيان. فأفتى حضرة قاضى العسكر وحضرة نقيب الأشراف بأنه صار من البغاة وتجب مقاتلته.
وأما شيخ الإسلام فقال صاحب قلائد العقيان: إن الوزير غازى باشا كتب سؤلا فى شأن قتل الأمير محمد بيك، وقدمه لشيخ الإسلام الأستاذ الشيخ محمد البكرى ليكتب عليه بجواز قتله. فأجاب البكرى بعدم الجواز، وقال:
تلك دماء طهر الله منها سيوفنا فلا ننجس بها ألسنتنا، أنا لا أكتب بقتل مسلم.
فانقبض خاطر الوزير من الأستاذ. فاستفتى جماعة فأفتوه بجواز قتله. انتهى.
فعند ذلك صمم رأى الوزير على محاربته بنفسه. وأخرج شاليش حربه الى قرا ميدان، وتجهز معه عشرة من الصناجق. وخرج الجميع بعساكرهم إلى