وهذا البيت الأخضر هدمه الأمير سيف الدين شيخون العمرى، بعد سنة خمسين وسبعمائة، ومنه شيء فى خانقاهه وجامعه، اللذين بخط الصليبة خارج القاهرة.
وقال أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن القيسى فى كتابه «تحفة الألباب»: ورأيت فى قصر فرعون موسى بيتا كبيرا من صخرة واحدة أخضر كالآس، فيه صور الأفلاك والنجوم، لم نر عجبا أحسن منه.
ثم قال: ويقال إن الذى بنى مدينة منف هو منقاوش بن شداد بن عديم، بناها لبناته، وكن ثلاثين بنتا، وهو الذى بنى مدينة عين شمس، وهو الذى قسم أرض مصر على مائة وثلاثين كورة. وأقام ملكا إحدى وتسعين سنة، وكان حكيما فاضلا، كاهنا. عمل أعمالا عجيبة، وبنى أشياء معجبة. انتهى باختصار.
وقال هيرودوت - الذى هو أقدم المتكلمين فى هذا الشأن، والحائز لقصب السبق فى هذا الميدان - إن منيس فرعون مصر الذى هو أول مؤسس للسلطنة الملوكية بالديار المصرية، لما أراد بناء هذه المدينة أمر بتحويل النيل عن موضعه، وكان قبل ذلك يجرى تحت/الجبل الغربى، فحوّله، وجعله فى منتصف المسافة التى بين الجبلين، وجعل هذه المدينة فى محل النيل القديم بعد ما ردم التقويس الذى كان بالنهر. وجعل فى جهتها القبلية جسرا، طوله مائة إستادة؛ لأجل وقايتها وحفظها، وحفر بحيرة عظيمة فى جهتها البحرية، وبحيرة مثلها فى جهتها الغربية. فكان الجسر فى الجهة القبلية يمنع هجوم النيل عليها، والبحيرتان يحميانها من الجهة البحرية والغربية من تعدى العدو عليها، والنيل فى الجهة الشرقية يحميها من ذلك أيضا، فكانت محصنة من جميع نواحيها. انتهى.