للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان فى داخل الحوش مكان يعلف فيه العجل، ومكان آخر لأمه، وكانوا يطلقونه فى أوقات معينة وسط الحوش/لينظره الأغراب، فإنهم كانوا لا يكتفون برؤيتهم إياه من شباك، وهو فى محله، فكان حين إطلاقه يثب عدّة وثبات، ثم يدخلونه مكانه، وكان أمام معبد أفتاه حوش أو ميدان لنطاح العجول التى كانت تربى لهذا الخصوص. وكان للذى يغلب منها مكافأة كما فى سباق الخيل.

وفى زمن الفرعون أمزيس بلغ تبجيل العجل منتهاه، ومع ذلك فقد قال المؤرخون: إن أمزيس وضع أمام معبد أفتاه معبدا لأوزريس وأربعة تماثيل، واحد منها قدر تمثال سيزوستريس مرتين.

ويؤخذ من جميع ما مضى أن عبادة أبيس حادثة، وكان إعتبارها أقل من إعتبار عبادة أفتاه عند أهل منف، فإنهم لم يزالوا معتقدين أن عبادة أفتاه هى الصحيحة. وكان أمام المعبد تمثال مستلق على ظهره طوله خمسة وسبعون قدما، أى خمسون ذراعا على هيئة سبع، ولم يعلم سبب وضع هذا التمثال بهذه الكيفية. مع أن جميع التماثيل الموضوعة أمام السرايات والمعابد، إما قائمة أو جالسة. فإن اعتبر أنه تمثال أبى الهول، لا يصح؛ لأن تمثاله قائم.

فلعله كان تمثال النيل، وهو يدفق الماء وحوله الأطفال، الذين هم كناية عن الستة عشر ذراعا المؤذنة بالوفاء؛ لأن النيل كان يصور على هذه الهيئة.

ولكن ذكر جميع المؤرخين، أن هذا التمثال من عمل الأجانب لا المصريين، وفى زمن أمزيس كانت أعمال الأغراب لا تدخل مصر ولا تشبه بعمل أهلها، وقبله بمدة سكنت اليونانيون هذه الديار، فنشأ من ذلك تلاشى أصولها.

وقد قال هيرودوط: إن هذا الفرعون أقطع اليونانيين أرضا مكافأة لهم على مساعدتهم له فى الحرب، واتخذ منهم معلمين فعلموا عدة من شبان مصر لغة اليونان ليكونوا مترجمين.