وعلى كلام كل من هيرودوط وديودور، فبانى الهرم الأول والثانى إما أخوان، أو ملك وابنه، وربما كان لا خلاف بينهما بأن يكون الاختلاف فى الأسماء مع إتحاد المسميات.
ومع كثرة هذه الأقوال فيمن بنى الأهرام، فالأقرب للترجيح هو كلام هيرودوط؛ لأنه أقدم المؤرخين، إذ هو كان قبل المسيح بأربعة قرون ونصف، وقد ساح فى مصر وأخذ الأخبار عن الكهنة الموجودين فى ذلك الوقت، فسمع ورأى ما لم يسمعه غيره أو يره. ويؤيده أيضا ما وجده الميرالاى (هوارويز) فى الهرم الكبير؛ وذلك أنه وجد قطعة من حجر فى أرضية الأودة التى فوق أودة الملك مكتوبا عليها اسم (بانيه) وهو خوفو أو شوفو أو شوفيس، ووجد كتابة أخرى من مضمونها أن الملك يأمر الفعلة أن يضعوا الحجارة فى أماكن معينة. ثم استدل فيما بين الهرم الكبير والهرم الثانى وصورة أبى الهول بواسطة الحفر على قبر، فاستمر فى الكشف عنه لكنه مات قبل تمامه، فاستكشفه من جاؤا بعد بإتمام حفره فوجدوه هو قبر بانى الهرم الكبير؛ لأنهم وجدوا أوصافه موافقة لما ذكره هيرودوط.
وهذا القبر عبارة عن بئر منقورة فى الصخر رأسيا فى غاية الإستواء، وعمقها نحو ثلاثة وخمسين قدما، وفى قاعها مخدع من حجر يعلوه قبة من فوقها قبة أخرى لمقاومة الضغط حتى لا تتكسر، وفى داخل المخدع جرن ضخم، ويحيط بالبئر خندق مربع عمقه خمسة أقدام وطوله سبعون قدما، وهو أسفل من مستوى ماء النيل بقدر خمسة عشر قدما، والماء يرشح من جوانبه فيحدث ترعة حول القبر.
وهذا يحقق ما قاله هيرودوط وديودور، أن هذين الملكين - أى بانى الهرم الكبير وبانى الهرم الثانى - لم يدفنا فى الأهرام، وإن كان القصد منها إبتداء جعلها مدافن، وذلك أن الأهالى - بسبب ما قاسوه من الشدائد فى بناء