حكمهم على مصر - أرادوا نقض أحجار من الهرم الرابع القريب من الهرم الثالث، فلم يتيسر لهم، مع أنه صغير وهين بالنسبة للأهرام الثلاثة. ويقال إنهم وجدوا على أحجاره نقوشا باللون الأحمر.
وبالجملة فكثير من الناس حاول [نقض] الأهرام، وأخذ من أحجارها وكسوتها، فكم بنيت منها عمائر فى القاهرة وخلافها، ولم تزل الأغراب والسياحون من الإفرنج وغيرهم، يحرصون على الإطلاع عليها، وكشف غوامض ما فيها، فدائما يترددون عليها، ويصعدون فوقها، ويدخلونها، ويتعجبون منها جيلا بعد جيل الى الآن.
وقد كانت الطريق اليها فى الزمن السابق صعبة بسبب الأوعار، والحر، والبرد، والعطش، ومخوفة بسبب العرب المقيمين فى الطرق وحول الأهرام، فكان مريد الوصول اليها لا يحصل مقصوده إلا بعد معاناة واقتحام مشاق عظيمة. وكانت الطريق من النيل إليها كثيرة الانعطافات، ويلزم للذاهب إليها من القاهرة تعدية النيل، فيرى كثيرا من وقاحة النوتية (١) والمكارية ونحو ذلك.
والآن فى عهد الحضرة الخديوية زال عن مريد الإطلاع عليها كل عناء، وأمكن الوصول إليها بسهولة، فالهرم الكبير أول ما يقابل الآتى من جهة النيل من الأزبكية إليه نحو إثنى عشر ألف متر، ومنه إلى القناطر الخيرية نحو ستة وعشرين ألف متر، وإلى مسلة عين شمس نحو مائتين وثمانية وثلاثين ألف متر.
فالآتى من الجهة الشمالية يكون أمامه باب فوق قاعدة إرتفاعها أربعة عشر مترا، ويرى أمامه كثيبا من الرمل والحصى وإرتفاعه كذلك تقريبا، وأمام الكثيب ترى حدود خندق الهرم الكبير المطموس بالرمال، ولا يعلم قدر عمقه إلا بالقياس على خندق الهرم الثانى الظاهر قاعه من بعض جهاته.