وذكر عبد الرشيد البغوى فى كتابه المؤلف سنة ٨١٥ من الهجرة، أن ارتفاع الهرم الكبير ثلاثمائة وسبعة عشر ذراعا، وهو يوافق الذراع الذى تعين سابقا. وأما قوله إن القاعدة أربعمائة وستون، فلم يقصد به قاعدة وجه الهرم؛ بل قصد به أحرفه المائلة.
وعبارة الشيخ عبد اللطيف البغدادى صريحة فى ذلك، حيث قال إن الأهرام الكبيرة ثلاثة، وهى فى الجيزة على خط مستقيم مقابلة الفسطاط، إثنان عظيمان قريبان من بعضهما فى العظم، والثالث أقل منهما، ومن قاسها أكد أن كل قاعدة منها مربع طوله أربعمائة ذراع فى مثلها. والذراع المستعمل هو الذراع الأسود. إلى أن قال وأخبرنى رجل ممن له معرفة بالقياسات أن الإرتفاع الرأسى ثلاثمائة وسبعة عشر ذراعا، وأن كل ضلع من الأضلاع الأربعة المائلة على العمود أربعمائة وستون ذراعا.
ومن ذلك يعلم أن الأربعمائة وستين ذراعا التى ذكرها عبد الرشيد البغوى هى لكل ضلع من تلك الأضلاع، ويكون الذراع المذكور فى عبارته هو الذراع الذى تعين مقداره فيما سبق ٠،٤٦٢، وهذا الذراع هو الموافق لقياس الإرتفاع.
والأحرف المائلة الواردة فى عبارة الشيخ عبد اللطيف البغدادى التى استفيد منها أن الذراع الأسود هو الذراع البلدى المستعمل الآن بيننا، وما ذهب إليه المحلى، وابن سلامة، والمسعودى عند ذكر قياس أبعاد الهرم الكبير، يؤيد أن الذراع المستعمل هو ٤٦٢، ٠؛ لأن جميعهم متفقون على أن الإرتفاع ثلاثمائة وسبعة عشر ذراعا، وحيث أن المقدار الذى تعين للإرتفاع بالمتر هو ١٤٤،٤ مترا تقريبا. فمن ذلك ينتج أن مقدار الذراع ٠،٤٦٢ م كما سبق.
وذكر أبو الفرج فى كتابه أن بطريقا يعقوبيا من أنطكوس بالشام، ساح فى أرض مصر فى القرن الثالث من الهجرة مرة وحده، ومرة مع الخليفة المأمون حين حضر مصر سنة ٢١٤ من الهجرة الموافق سنة ٨٢٩ ميلادية، وإنه نظر الهرم وقال إن ضلعه خمسمائة ذراع، وهو يحقق أن الذراع ٤٦٢، ٠ كما تقدم.