(استادة) تدخل فى الدرجة الأرضية ستمائة مرة. وحيث أن هذا يصدق على إرتفاع وجه الهرم، فيكون هذا الإرتفاع مبينا لمقدار الغلوة، ويؤدى إلى ظن أن المصريين فى الأزمان السالفة أجروا قياس الدرجة الأرضية وعرفوا مقدارها، ونسبوا إليها جميع الأقيسة، لتكون مرتبطة بشئ ثابت فى جميع الأزمان.
ولا يبعد ذلك على أمة آثار أعمالها باقية إلى الآن وقد ثبتت درجة تقدمها في العلوم على جميع الأمم.
فبناء على ما سبق يظن أن المصريين قاسوا الدرجة الأرضية فى الأحقاب الخالية، وحينئذ لا صعوبة فى تعيين مقدار الذراع العتيق، لأن هيرودوط وجميع المؤلفين اتفقوا على أنه جزء من أربعمائة جزء من الغلوة، وبقسمة إرتفاع الوجه إلى أربعمائة قسم يكون الناتج ٤٦٢ ر. من المتر، وهو مقدار الذراع، وبقسمته على ستمائة يكون الناتج ٣٠٨ ر م وهو مقدار القدم الرومى، الذى أخذه الروم عن المصريين، فهو القدم المصرى الذى هو ثلثا الذراع باتفاق المؤلفين.
فيعلم من ذلك صحة ما سبق من أن ارتفاع وجه الهرم هو الغلوة الداخلة فى الدرجة الأرضية ستمائة مرة، وأن الذراع العتيق المصرى جزء من أربعمائة منها، والقدم جزءا من ستمائة، فالإثنان يكونان منسوبين للدرجة الأرضية، ويكون محيط الهرم جزءا من مائة من الدرجة الأرضية، ويكون مقدار إرتفاع الوجه باعتبار الغلوة يساوى ست ثوان من الدرجة الأرضية، ومحيط القاعدة يساوى ثلاثين ثانية أو نصف دقيقة أرضية. ويكون ما ورد فى كتب مؤرخى العرب من المقدار الذى عينوه للذراع العتيق تحقيقيا لا تقريبيا، ولا شك فى ذلك، فإن محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ذكر أن ضلع وجه الهرم مائة ذراع سلطانية، كل ذراع منها خمسة أذرع بذراع وقته. ومنه يعلم أن ضلع الهرم خمسمائة ذراع. وكذا ذكر إبراهيم بن وصيف شاه هذا المقدار بعينه.