لوجدنا الأول قدر الثانى مرة وربع مرة، يعنى أن النسبة الواقعة بين الذراعين هى النسبة بين قاعدة وجه الهرم وارتفاعه، ثم إذا تأملت تجد بين مقدارى الإرتفاع والقاعدة نسبة صحيحة، فالإرتفاع بالضبط ثلاثة أرباع القاعدة. فهل هذه النسبة حاصلة غير مقصودة؟! أو أن الأقدمين حين بنائه جعلوا فى بعديه الظاهرين للعيان ونسبة بعضهما الى بعض، ما يدل على الأقيسة المستعملة عند الأهالى فى جميع أعمالهم.
فإن كان كذلك كان فى الهرم فائدة عظيمة، وهى معرفة الذراع الأصلى الذى هو أساس جميع الأقيسة الجارى بها الآن العمل عندنا فى التجارة، والأبنية، والفلاحة. فلو وجدنا بين ضلع قاعدة الهرم وارتفاع الوجه، وبين الدرجة الأرضية المتوسطة لمصر نسبة صحيحة، يعنى أنها تشمله عدة مرات من غير كسر، لكان فى الهرم فائدة أخرى، هى حفظ مقدار الدرجة الأرضية، وتكون الأقيسة المستعملة فى أعمال أهالى الديار المصرية مرتبطة بها، وكان فى أى وقت يمكن بعملية حسابية سهلة معرفة الأقيسة متى علمت الدرجة أو بالعكس.
وقد عرف بحسابات مضبوطة وعمليات فلكية صحيحة أن مقدار الدرجة الأرضية المتوسطة لمصر ١١٠٨٢٧،٦٨ مترا، وبقسمة هذا العدد إلى ستمائة قسم متساوية يكون خارج القسمة ١٨٤،٧١٢ مترا، وهو المقدار الذى وجدناه لارتفاع وجه الهرم بفرق يسير غير محسوس، وحينئذ يكون هذا الخط جزءا من ستمائة جزء من الدرجة الأرضية. وحينئذ يعلم مقدار الدرجة الأرضية.
وكذلك لو قسمنا/مقدار الدرجة السابقة على مقدار القاعدة الذى ذكرناه سابقا، نجده يدخل فيها أربعمائة وثمانين مرة بدون كسر.
ومن هذا مع ما سبق يعلم أن الهرم ربما كان أثرا فلكيا لبيان النقط الأربعة الأصلية على الصحيح، ومقدار الدرجة الأرضية لمصر، وأثرا متريا لحفظ الأقيسة الصغيرة والكبيرة. ويثبت ذلك ما ذكره الأقدمون من وجود غلوة