وسنبين فيما سيأتى كيف كان هذا الذراع أساسا أستنبطت منه جميع الأذرع والأقيسة الكبيرة.
وذكر أبو الفرج أن طول الهرم الكبير وعرضه خمسمائة ذراع، ولم يكن هناك ذراع يطابق هذا غير الذراع السابق، لأنه هو الذى إذا ضرب به مقدار ٠،٤٦٢ من المتر فى ٥٠٠ متر حصل منه مقدار طول ضلع القاعدة، وحينئذ يكون هذا الكلام وحده دليلا على أن الذراع المصرى جزء من خمسمائة جزء من طول ضلع قاعدة الهرم.
وأما ما ذكره من أن إرتفاع الهرم مائتان وخمسون ذراعا، أى نصف القاعدة، فليس مصادفا للصحة إلا باستعمال الذراع البلدى، لأن الارتفاع الرأسى للهرم ١٤٤،١٩٤ مترا. وهذا يساوى ثلاثمائة وإثنى عشر ذراعا عتيقا وربعا، وهو أكبر من نصف القاعدة، لكن إذا اعتبر بالذراع البلدى الذى مقداره ٠،٥٧٧٧ من المتر وضرب فى مائتين وخسمين متر حصل ١٤٤،٤ مترا، وهو الارتفاع الرأسى للهرم بفرق يسير.
ولعل ما نقل عنه من استعمال ذراعين مختلفين ناشئ من نقله عن مؤلفين مختلفين، أعنى أنه أخذ طول القاعدة عن مؤلف، وطول الإرتفاع عن آخر، حيث أن الذراع البلدى ذراع وربع بالعتيق، لأن المائتين والخمسين ذراعا بالبلدى ثلاثمائة وإثنا عشر ذراعا ونصف بالآخر، وهو مقدار الإرتفاع كما ذكرنا.
وما ذكره عبد الرشيد البغوى من أن إرتفاع الهرم ثلاثمائة وسبعة عشر ذراعا، لا يخالف ما ذكره أبو الفرج إذا فرض أنه أدخل فى هذا القياس مقدار إرتفاع الجلسة - وهو أربعة أذرع - ولم يدخل فى القياس الأول، ويؤخذ من هذا أن العرب وصلوا إلى معرفة حساب المثلثات بالضبط، إذ لولا ذلك لم يمكنهم معرفة الارتفاع الرأسى للهرم، ويؤيده ما قاله الشيخ عبد اللطيف البغدادى أن