للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلما جاء الخبر بوصول الباشا الجديد من الأستانة إلى الإسكندرية، وهو حمزة باشا، خاف أن ينضم إليه صالح بك، فأرسل إليه ينقله إلى دمياط، فلما وصله الخبر ركب ليلا بجماعته، وساروا إلى الصعيد، ووصل منية ابن خصيب، فأم بها، واجتمع عليه كثير من المطرودين، وبنى فيها أبنية ومتاريس، وكان له صداقة مع شيخ العرب همام الفرشوطى وأكابر الهوارة، وأكثر البلاد الجارية فى التزامه فى جهة قبلى، فاجتمع عليه كثير منهم، وقدموا له التقادم والذخائر وما يحتاج اليه.

ولما حضر حمزة باشا واليا على مصر وطلع إلى القلعة، وذلك سنة تسع وسبعين ومائة وألف، عرضوا عليه أمر صالح بك، وأنه قاطع الطريق ومانع وصول الغلال الميرية، فجرد عليه تجريدة، فالتطموا معه لطمة صغيرة، ثم توجه صالح بك وعدى إلى شرق أولاد يحيى.

ثم إن على بك أمر بنفى حاكم جرجا حسين بك كشك إلى جهة عينها له فلم يتمثل، وركب بممالكيه وأمرائه وأتباعه إلى مصر، فأراد على بك أن يشغله بالسم، وأمر عبد الله الحكيم أن يضع له السم فى المعجون ففعل، وقد كان صالح بك طلب من ذلك/الحكيم معجونا للباه، فلما أحضره لديه أمره أن يأكل منه، فتأخر فأمر بقتله، وعلم أنها مكيدة من على بك فتأكدت بينهما الوحشة، واضمر كل منهما لصاحبه السوء. وكان ذلك سببا فى نفى على بك إلى الشام ومعه ممالكيه وأتباعه، واستقر خليل بك كبير البلد هو وحسين بك المذكور مكان على بك. ثم ورد الخبر بأن صالح بك رجع من أولاد يحيى إلى المنية.

وفى تلك الأيام رجع على بك ومن معه على حين غفلة إلى مصر فتشاوروا فى قتله، ثم اجتمع رأيهم أن يعطوه النوسات، فأقام بها، ثم تخوفوا من إقامته بالنوسات، فأرسلوا إليه خليك بك السكران، فأخذه، وذهب به إلى السويس ليسافر إلى جدة من القلزم، وأحضر له المراكب لينزل فيها.