إلى المدينة، فاقتضى رأى الشيخ أحمد العروسى أن يجتمع مع المشايخ ويركبوا إلى الباشا ويتكلموا معه فى شأن هذا الحال، فاستشعر إسماعيل بك بذلك فدبر أمرا، وصوّر حضور تتارى من الدولة وبيده مرسوم، فأرسل الباشا فى عصر يوم الجمعة للمشايخ والوجاقلية، وقرأ عليهم ذلك الفرمان، ومضمونه:
الحث والتشديد على محاربة الأمراء القبلية، وطردهم وإبعادهم. فلما فرغوا من قراءته تكلم الشيخ أحمد العروسى وقال: أخبرونا عن حاصل هذا الكلام، فإننا لا نعرف اللسان التركى، فأخبروه، فقال: وما المانع لكم من الخروج. وقد ضاق الحال بالناس، ولا يقدر أحد أن يصل إلى بحر النيل وقربة الماء بإثنى عشر نصف فضة، وحضرة إسماعيل بك مشتغل ببناء حيطان ومتاريس، وهذه ليست طريقة المصريين فى الحروب؛ بل طريقتهم المصادمة وانفصال الحرب فى ساعة إما غالب أو مغلوب، وأما هذا الحال فإنه يستدعى طولا، وذلك يقتضى الخراب. فقال الباشا: أما قلت لكم هذا الكلام أولا وثانيا، هيا شهلوا أحوالكم.
ثم إن الباشا قام ونزل بقصر الآثار ونصب وطاقه هناك، وجدّ فى محاربة الأمراء القبلية إلى آخر ما فى الجبرتى فانظره.
وفيه أيضا أن فى شهر القعدة سنة ألف ومائتين ثار جماعة الشوام المجاورون وبعض المغاربة على الشيخ المترجم أيام مشيخته؛ بسبب الجراية، وأغلقوا فى وجهه باب الجامع وهو خارج يريد الذهاب، فمنعوه من الخروج، فرجع إلى رواق المغاربة، وجلس به إلى الغروب، ثم تخلص منهم وركب إلى بيته، ولم يفتحوا الجامع، وأصبحوا فخرجوا إلى السوق، وأمروا الناس بغلق الدكاكين، وذهب الشيخ إلى إسماعيل بك وتكلم معه، فقال له: أنت الذى تأمرهم بذلك، وتريدون بذلك تحريك الفتن علينا، ومنكم أناس يذهبون إلى أخصامنا يعودونهم، فتبرأ من ذلك، فلم يقبل وذهب وصحبته بعض المتعممين إلى الباشا، فقال له مثل ما قال لإسماعيل بك، وطلب الذين