يوم أربعاء جميعها. فاتفق وقوع طائرين منها، فأحضرت بطائقهما وحصل الإستهزاء بها، فلما كان بعد مدة وصل كتاب السلطان أنها وصلت إلى الصبيبة فى ذلك اليوم بعينه، وبطق بذلك فى ذلك اليوم بعينه إلى دمشق، ووصل الخبر إلى دمشق فى يوم واحد، وهذا مما أنا مصرفه وحاضره والمشير به، قال مؤلفه رحمه الله تعالى، قد بطل الحمام من سائر المملكة إلا ما ينقل من قطيا إلى بلبيس، ومن بلبيس إلى قلعة الجبل، ولا تسأل بعد ذلك عن شئ، وكأنى بهذا القدر. وقد ذهب، ولا حول ولا قوة الا بالله العلى العظيم.
انتهى.
وفى حسن المحاضرة للسيوطى قال ابن كثير فى تاريخه سنة سبع وستين وخمسمائة: اتخذ السلطان نور الدين الشهيد الحمام الهوادى؛ وذلك لامتداد مملكته وإتساعها، فإنها من حد النوبة إلى همذان؛ فلذلك اتخذ قلعة/، وحبس الحمام التى تسرى فى الآفاق فى أسرع مدة وأيسر عدة.
وما أحسن ما قال فيهن القاضى الفاضل: الحمام ملائكة الملوك، وقد أطنب فى ذلك العماد الكاتب، وأطرف، وأعجب وأغرب، وفى سنة إحدى وتسعين وخمسمائة اعتنى الخليفة الناصر لدين الله بحمام البطاقة اعتناءا زائدا حتى صار يكتب بأنساب الطير المحاضر إنه من ولد الطير الفلانى، وقيل إنه بيع بألف دينار.
ثم قال: وممن أحسن فى وصفها تاج الدين أحمد بن سعيد بن الأثير كاتب الإنشاء، فقال: طالما جادت بها الأبراج فأضحت مخلفة وراءها تبكى عليها السحب، وصدق من سمّاها أنبياء الطير؛ لأنها مرسلة بالكتب.
وفيها يقول أبو محمد أحمد بن علوى بن أبى عقيال القيروانى:
خضر تفوت الريح فى طيرانها … يا بعد بين غدوها ورواحها
تأتى بأخبار العدو عشية … لمسير شهر تحت ريش جناحها
وكأنما الروح الأمين بوحيه … نفث الهداية منه فى أرواحها