البشائر، ويكون المعنى بقولهم أيمن طائر، لا غرو أنه فارق رسل أهل الأرض وفاتهم وهو مرسل، والعنان عنانه والجو ميدانه، والجناح مركبه، والرياح موكبه، مع أمنه ما يحدث لمناب السفار، ومخبآت القفار، من مخاوف الطوارق، وطوارق المخاوف، ومتالف الغوائل، وغوائل المتالف، إلا ما يشذ من اعتراض جارح جارح وانقضاض كاسب كاسر، فيكفيه سعادة الدولة تأميمه، وتصدّ عنه تصميمه.
وقال القاضى محيى الدين بن عبد الظاهر. ومما أنشأه الشيخ السديد ﵀: وأما حمام الرسائل فكم أغنت البرد عن وجوب القفار، وكم قدت جيوبها على أسرى أسرار، وكم أعارت السهام أجنحة فأحسنت بتلك العارية المطار، وكم قال جناحها لطالب النجاح لا جناح، وكم سرت فحمدت المساء إذا حمد غيرها من السارين الصباح، وكم سارقت الصبا والنجائب ففاقتهما، ولم تحوج سلام المشتاقين إلى امتطاء كاهل الرياح، كم دفعت شكا بيقينها، ورفعت شكوى بتبيينها، وكم أدت أمانة ولم تعلم أجنحتها بما فى شمالها ولا شمالها بما فى يمينها، كم التفت الساق منها بالساق، فأحسنت لربها المساق، وكم أخذت عهود الأمانة فبدت أطواقا فى الأعناق تسبق اللمح، وكم استفتح بها المسير إذا جاء بالفتح تسبق الطرف السابق والطرف الرامى الرامق، وما تلت سورة البروج إلا وتلت سورة الطارق، تغدو وتروح، وبالسر لا تبوح، كم سارت تحت أمر سلطانها على أحسن السير، وكم أفهمت أن ملكه سليمانى إذ سخر له منها فى مهماته الطير، أسرع من السهام المفوّقة، وكم من البطائق مخلقة وغير مخلقة.
ومن كلام الأديب تقى الدين أبى بكر حجة فى ذلك
يطير مع الهوى لفرط صلاحه، ولم يبق على السر المصون جناح إذا دخل تحت جناحه، إن برز من مقفصه لم يبق للصرح الممرد قيمة، بل يتغزل بتدبيح أطواقه ويعلق عليه من العين تلك التميمة، ما سجن إلا صبر على