ينصرف إلا لحمام الرسائل، فيقال كتبوا كتابا على جناح طائر، وسرحوا كل يوم طيور عليها الأخبار.
والموضع الذى تسرح منه يسمى المطار، والجمع مطارات، وخادمها يقال له مطيّر، فيقال بها حمام الرسائل فى أبراجها ومطاراتها، ويقال: استخدم للحمام عدّة مطيرين، وإنما أختير الحمام؛ لأن ذكرها يتميز عن غيره من الطيور بشدة إلفه لأنثاه، ولحدّة إبصاره وسرعة طيرانه، وكان على صاحب ديوان الإنشاء أن يتفقد مراكزها وعددها، وما يلزم لها من الرجال والحيوانات ونحو ذلك.
وكانت الخلفاء العباسيون يهتمون لذلك غاية الإهتمام وكذا أمراء العراق، كما قاله صاحب الروض المعطار، وقد بالغوا فى تربيتها، حتى قيل إنه بلغ ثمن حمامة بسبعمائة دينار، ووردت حمامة من القسطنطينية بيعت بألف دينار، وكان لحمام الرسائل كتاب ودفاتر، فيها تكتب نسبتها وقيمة شرائها، وقد ألّف القاضى محيى الدين بن عبد الظاهر فى هذا المعنى كتابا سماه تمائم الحمائم. انتهى.
ونقل المؤرخ ويلنى الفرنساوى عن المؤرخ جاهين بن مرعى الحنبلى أن أول استعمال الحمام كان فى الموصل، ثم أستعمل ذلك الفاطميون عند استيلائهم على مصر، واعتنوا به، وجعلوا له إيرادا يخصه، وأول بطلانه من مصر كان فى الوجه القبلى، وأما الوجه البحرى فكان مستعملا فيه إلى سنة ألف وأربعمائة وخمسين ميلادية، ثم وصف محطاته فقال:
أما من القاهرة إلى الاسكندرية فمن قلعة الجبل إلى منوف العلا تسعة وثلاثون ميلا، إلى دمنهور الوحش خمسة وأربعون ميلا، إلى الإسكندرية ستة وثلاثون ميلا، وأما من القاهرة إلى دمياط: فمن القلعة إلى بنى عبيد ستة وثلاثون ميلا، إلى أشمون الرمان، كذلك إلى دمياط ثلاثون ميلا، وأما من القاهرة إلى غزة: فإلى بلبيس سبعة وعشرون ميلا، إلى صالحية مصر، كذلك