فيجعل فى رأسه حبلا من نبات الديس، ثم يطبع عليه فوق شئ من الطين يؤخذ من أرض غير مزروعة، وكان جزاء من قرب قربانا بغير هذه الأوصاف أن يقتل، سدا لباب الخروج عن قوانينهم.
وكيفية الذبح عندهم، أن يقربوا الحيوان إلى المذبح، وقد أوقدت النار، ويذبح القربان بعد ذكر اسم الله، ثم يراق النبيذ بقرب المذبح، ثم يقطعون رأسه قبل سلخه، فيحملونها أوزارهم وأوزار غيرهم من أهل مصر، بأن يقولوا كلاما مضمونه الدعاء، بأن تحمل الرأس عنهم الشرور والأوزار، كأنها تكون فداءهم من الأسواء، فإذا كان فى البلد سوق ترده الأروام باعوها لهم، وإلا رموها فى البحر، ولا يختص تحميل الأوزار بقربان الحيوان، بل كان فى كل قربان، ولو من النبيذ، وكانوا يحرمون أكل الرأس، مطلقا، وأما حرق القربان، والكشف عمّا فى باطنه من الكرش ونحوه، فكانت تختلف فيه العوائد، ففى يوم المقدسة إزيس، يقربون ثورا بعد تقدمة صوم أيام، وبعد سلخه يخرجون مصارينه فقط، ويتركون باقى حشوته بما فيها من الشحم، ثم يقطعون الفخدين والأليتين، والكتف والرقبة، ثم يحشون باقى الجسد خبزا، من خالص الدقيق والعسل والزبيب والتين، والمواد العطرية، ثم يحرقونه، ويرشون النار بالزيت فى مدة الوقود، لأجل زيادة الاتقاد، وفى أثناء ذلك يشتغل الحاضرون بلطم الخدود والصياح، وبعد انتهاء حرقه، يمد السماط من اللحم الباقى المأخوذ من الفخدين والأليتين … إلخ وكانت قرابينهم من ذكور البقر دون إناثها؛ لأن الإناث كانت محترمة عندهم إكراما للمقدسة إزيس، التى تمثالها فى صورة امرأة لها قرون بقرة، فكان احترامهم لأنثى البقر، أكثر من احترام باقى الحيوانات، ولذلك كانوا يمتنعون امتناعا كليا من تقبيل الرومى فى فمه، لأكله إناث البقر والرأس، ولا يستعملون سكينته ولا يطبخون فى قدره، ولا يأكلون من لحم ذبح بسكينته.