آمنين من الهجوم عليهم، وبسبب قلة مائها كانت المراكب الكبيرة لا تتمكن من السير فيها، وكانت القوارب المستعملة عندهم صغيرة خفيفة، منقورة من جذوع الشجر، لا تسع غير اثنين أو ثلاثة، بحيث أنه كان فى الامكان نقلها على الأكتاف/وسكان هذه البحائر طوال القامة ولونهم مفتوح عن لون الهنود يغلب على أجسامهم الغلظ، وأرجلهم قصيرة، وهم دائما عراة الرءوس، يرخون شعورهم على أكتافهم، ولهم خيل يركبونها عارية بلا سروج ولا سرع، ويتكلمون باللسان المصرى، ويتقربون لآلهتهم بالآدميين، وينتشرون فى كل البلاد المجاورة للسرقة والإفساد، والمراكب التى تمر بقرب الساحل قل أن تسلم من السلب، ولهم رئيس يلقبونه بالملك، يرجعون إلى كلمته، وأمره، ومن ضمن أسلحتهم قوالب من الطين غاية فى الصلابة، يجعلون فيها كثيرا من مسامير الحديد، يحدث منها لمن تصيبه جروح شديدة خطرة، وفى زمن القيصر هرقوريل رفع سكان هذه الجهات لواء العصيان، فحاربهم حاكم مصر وهزمهم.
وحقق كترمير أن الأرض المسماة قديما بالبقوليا هى المعروفة بأرض البشمور، وهى ممتدة فى ساحل البحر غربى الفرع الدمياطى إلى بحيرة البرلس، وقد قاومت سكانها الخلفاء زمنا طويلا، وكذا سلاطين مصر، وفى بعض كتب المشرقيين تسمية سكان البشمور باسم بيامى، وهو مشتق من كلمة بياما المصرية التى معناها الراعى، واستعمل هذا الاسم أيضا بهذا المعنى فى تاريخ مرقورا الإسكندرى، وفى ذلك الكتاب أن بحائر سيناء، تهرع إليها مواشى جبل النيتربا، وأن الرعاة من أهل ليبيا، يذهبون بمواشيهم إلى هذه البحائر مرة فى السنة، وقال كترمير: إن كلمة بيامى مأخوذة من كلمة بياما المصرية، وهى قريبة من الاسم الذى يسمى به أهل هذه الجهات، ونقل كترمير أيضا عن عطناس أسقف مدينة قوص، أن لغات المصريين فى الزمن القديم كانت ثلاث لغات لغة الصعيد، ولغة أهل الوجه البحرى، ولغة أهل البشمور.